والصرف خاصة: هو بيع الذهب أو الفضة بمثله، أو بيع أحدهما بالأخر، وبالإضافة إلى أركان البيع يشترط في الصرف ثلاثة شروط أخرى:
أولهما: أن يكون البدلان متساويين، سواء كانا مضروبين أو غير مضروبين فلا يصح بيع دينار بدينار مع زيادة في أحدهما، ولا سوار بوزن، وسوار بوزن أكبر.
ثانيها: الحلول: فلا يصح بيع الذهب أو الفضة مع تأجيل قبضهما أو أحدهما.
ثالثها: التقابض في المجلس لما جعل ثمنا ومثمنا، فإذا افترقا قبل القبض بطل العقد. فإذا كان البيع لأحد الجنسين بالآخر، فيشترط حينئذ شرطان، الحلول، والتقابض في المجلس.
هذا بالنسبة للذهب والفضة، وكذا بقية الأصناف الربوية عند فقهاء المذاهب سوى الحنفية فإنهم لم يشترطوا التقابض في غير الذهب والفضة.
وهذا القدر في الصرف متفق عليه بين المذاهب المعتبرة، أما محل الخلاف فإنما هو في الأثمان من غير الذهب والفضة، كالفلوس والذهب والفضة التي غلب عليها الغش، وهذا ما ستنفصل القول فيه من حيث تغير القيمة فيه بالإضافة إلى تغير قيمة الذهب والفضة في الدراهم والدنانير.
وسنتناول الكلام عن هذه القضية ببيان واقعات المسألة في العصور الإسلامية المختلفة، ودور الدولة في علاج هذه القضية، ثم عرض صور تغير العملة والمذاهب فيه ثم إعمال النظر، واختيار ما يغلب على الظن رجحانه.
وإن ما نتوصل إليه من الترجيح هو رأي قاصر، لا نلزم به أنفسنا بمجتهدين، ولا نفتي به أحدا ما فإنه لا يسعنا القول في مثل القول في مثل هذه القضية العامة، وما نقدمه لا يعدو كونه رأيا بدا، وإنما يسع جمهرة من فقهائنا الكرام، أن يتداولوا الموضوع ويشبعوه بحثا بما حباهم الله من علم رصين، سياجه ولحمته وسداه تقوى الله تبارك وتعالى، ثم يعلنوا ما ترجح لديهم من حكم الشرع في هذه القضية سواء في الجواز أو المنع، أو الجواز مع وضع الشروط والضوابط، ويسعهم في كل الأحوال التوقف إن رأوا فيه المصلحة. والله الهادي إلى سواء السبيل.