ووجهه أنها في الأصل نائبة عن العين، بتعهد من الجهة المصدرة لها بدفع قيمتها، أو هي مستند بذلك الدين.
وقد كان هذا القول قويا، والقائلون به مطمئنين إليه، عندما كان التعهد بدفع قيمتها قائما. ووجهه أنها لا قيمة لها في ذاتها، لكن لما كان يقابلها مقدار محدد من الذهب أو الفضة مودع في خزانة الدولة المصدرة لها، فإن المتعامل بها إذا أخرجها من يده إلى يد أخرى يعتبر قد أحال بذلك الدين الذي له على الدولة شخصا آخر، فهي حوالة، سواء كان مشتريا منه أو مستأجرا أو مستوهبا، أو أخرجها من يده كصداق امرأة أو بأي صورة من الصور المشروعة.
وبناء على هذا القول أوجبوا الزكاة فيها كزكاة الدين.
لكن الذين قالوا بهذا القول اصطدموا بعقبات مهمة، وذلك بسبب القيود الشرعية على تداول الدين. فمن المعلوم أنه لا يجوز شرعا بيع الدين بالدين لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك.
ففي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم ((نهى عن بيع الكالئ بالكالئ)) .
فلذلك لا يجوز ـ على هذا القول ـ جعل النقود الورقية رأسمال سلم، أو ثمنا لعين موصوفة في الذمة، لو سلمت الثمن الورقي نقدا.
وأيضًا ـ بناء على هذا القول ـ لا تصلح المشاركة بالنقود الورقية، لأن الدين لا يكون رأسمال شركة.
وأيضًا يمنع ذلك صحة الصرف إذا صرفت ورقا نقديا بورق نقدي من جنس آخر.
وأيضًا يمنع اعتبارهما دينا من شراء الذهب والفضة بهما، لأن ثمن شرائهما لا يكون دينا، إذ لا بد من التقابض.
وأيضًا القائلون بعدم وجوب الزكاة على الدائن وجدوا في هذا القول مخرجا، بناء على القول بأن زكاة الدين هي على المدين، أو القول الآخر بأن الدين لا زكاة فيه على الدائن ولا على المدين.
إلا أنه مع ذلك كان لهذا القول وجه عندما كان لدى الحكومات استعداد لدفع القيمة الاسمية لتلك الأوراق بالذهب. أما الآن فلا وجه له، إذ ليس هناك استعداد لذلك مطلقا.