للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثاني (أنها عروض غير ربوية) :

فيجوز بيع بعضها ببعض متساوية أو متفاضلة، حالة أو مؤجلة، لا ضير في ذلك، بشرط قبض أحد العوضين في المجلس، وإذا كانت للتجارة فتجب فيها الزكاة، وإلا فلا. ولا تنطبق أحكام الصرف عند بيع ورق نقدي منها بورق نقدي آخر وعند بيعها بذهب أو فضة.

وقد استدلوا لهذا القول بأمور:

١ – أنها ليست بذهب ولا فضة، فلا تنطبق عليها النصوص الواردة بمنع المراباة في الذهب والفضة بل هي باقية من هذه الجهة على حكم الإباحة الأصلية وعلى هذا يجري مذهب الظاهرية.

وأيضًا بتتبع العلل الربوية التي ذهب إليها العلماء في تعليل حرمة الربا علم أنها غير موجودة في الورق النقدي، فيمتنع الإلحاق.

فإن الحنفية عللوا حرمة الربا في الذهب والفضة بكونهما (أثمانا خلقة) وهذا غير موجود في الورق النقدي لأن ثمنيته اصطلاحية، ولأن ثمنية الذهب والفضة لا تبطل بحال، بينما ثمنية الورق تبطل بالإبطال ممن يملكه.

والشافعية قالوا: العلة في الذهب والفضة جوهرية الثمن غالبا، فيختص بالذهب والفضة.

وعن أحمد روايتان: إحداهما: أن علة ربويتهما الوزن، والأخرى جوهرية الثمن، كقول الشافعي.

فعلى جميع هذه التعليلات لا يقاس الورق على الذهب والفضة، لأن الورق ليس بثمن خلقة بل بالاصطلاح، ولأنه لا يباع بالوزن.

٢ – قياس النقود الورقية على الفلوس المعدنية: فإن النقود الورقية ليست أقرب إلى الذهب والفضة من قربها إلى الفلوس. وقد كانت الفلوس موجودة على عهد النبوة كما تقدم، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جعل فيها ربا كما جعل في الأصناف الستة المعروفة. وكانت الفلوس موجودة طيلة العهود الإسلامية وكان قول كثير من علماء المسلمين فيها أنها لا يدخلها الربا، وذلك موجود في كتب فقهاء الإسلام، منتشر فيها بكثرة لا تخفى على المطلعين.

<<  <  ج: ص:  >  >>