فإذن خلقهما الله تعالى لتتداولهما الأيدي ويكونا حاكمين بين الأموال بالعدل ولحكمة أخرى وهي التوسل بهما إلى سائر الأشياء لأنهما عزيزان في أنفسهما ولا غرض في أعيانهما ونسبتهما إلى سائر الأموال نسبة واحدة فمن ملكهما فكأنه ملك كل شيء لا كمن ملك ثوبا فإنه لم يملك إلا الثوب فلو احتاج إلى طعام ربما لم يرغب صاحب المطعم في الثوب لأن غرضه في دابة مثلا. فاحتيج إلى شيء هو صورته كأنه ليس بشيء، وهو معناه كأنه كل الأشياء والشيء إنما تستوي نسبته إلى المختلفات إذا لم تكن له صورة خاصة يفيدها بخصوصها كالمرآة لا لون لها وتحكى كل لون فكذلك النقد لا غرض فيه وهو وسيلة إلى كل غرض وكالحرف لا معنى له في نفسه وتظهر به المعاني في غيره فهذه هي الحكمة الثانية) ولذلك فلا يتصور أن تثور أدنى مشكلة بل ولم تكن البشرية في معظم عصورها تعرف عما يسمى تغير قيمة النقود لأن النقود بذاتها ثابتة كما خلقها الله لذلك واتخذها الناس بحكم الخلقة هكذا.