للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسباب تدهور قيمة النقود في العصر الحالي:

يعبر الاقتصاديون المعاصرون عن انخفاض القوة الشرائية للنقود بتعبير التضخم وهو في صورته الغالبة: (ارتفاع متواصل في الأسعار إنما يتولد عن زيادة حجم تيار الإنفاق النقدي بنسبة أكبر من الزيادة في عرض السلع والخدمات) (١) وبنظرة موضوعية إلى واقع الدول المسماة بالنامية نجدها غرقى إلى أذنيها في براثن التضخم وذلك للأسباب الآتية:

١-التعامل الربوي (٢) الذي هو عبارة عن زيادة في النقود بدون عمل مثمر فالنقود في ظل النظام الربوي تلد نقودا بغض النظر عن الإنتاج وهذه الزيادة في حجم النقود هي بذاتها زيادة في تيار الإنفاق النقدي تفوق كثيرا الزيادة في عرض السلع والخدمات (٣)

٢- قلة الإنتاج وضعف الاقتصاد وكلا التعبيرين يغنى عن الآخر فإذا تواكل الناس وقصروا في أعمالهم أدى ذلك لا محالة إلى انهيار اقتصادي في هذا الإقليم الذي يقيم فيه هؤلاء الناس وحيث لا إنتاج فلا تقدم في الاقتصاد فيزيد الإنفاق النقدي من غير مقابل في الخدمات فترتفع الأسعار وتتناقص القوة الشرائية للنقود، وواقع الدول النامية يؤكد ارتباط كل من السببين بالآخر فالدول ضعيفة الإنتاج تغطى احتياجاتها بالقروض الربوية هكذا تتضاعف عوامل التضخم من الوجهين المذكورين.

٣- أضف إلى ذلك وفي كل عام تقريبا عند النظر في الموازنة العامة تجد الدولة النامية نفسها في مأزق لا مخلص لها منه إلا بأن تطبع ملايين وربما مليارات من النقود الورقية بدون غطاء ذهبي هي تحدث زيادة رهيبة في حجم الإنفاق النقدي دون أي مقابل في السلع والخدمات فقط لمجرد أن تخفف الدولة من بعض مواقفها الحرجة بجانب التزاماتها المدينة التي تفوق كل حد.

وهكذا صح ما قلنا أولا من أن القوة الشرائية للنقود في كثير من الدول وعلى الأخص الدول النامية لم تنخفض فقط ولكنها تدنت غاية التدني بل وتدهورت إلى أبعد الحدود.


(١) شافعي – المرجع السابق: ص ١٣٥ وجاء في هذا الموضع: فلا الزيادة في كمية النقود وحدها ولا الزيادة في تيار الإنفاق النقدي من حيث هي بمؤدية بالنظام الاقتصادي لا محالة إلى التضخم فقد يعوض انخفاض سرعة تداول النقود عن الزيادة في كمية النقود بحيث يبقى الحجم الكلى لتيار الإنفاق النقدي على حاله وبعبارة أخرى قد تأتى الزيادة في كمية النقود مصحوبة بعزوف من جانب الأفراد والمشروعات عن الإنفاق بما يترتب على ذلك من عدم حدوث تغيير يعتد به في حجم الإنفاق النقدي. ويفسر هذا ما منيت به السلطات النقدية في الولايات المتحدة من فشل عندما حاولت رفع الأسعار وإنعاش الأحوال الاقتصادية عن طريق زيادة كمية النقود خلال الأزمة المالية الأخيرة.
(٢) وهذا ملحوظ بصورة ظاهرة في الدول المسماة بالنامية حيث تثقل الديون كاهل هذه الدول فضلا عن الربا الفاحش الذي أصبح عبئا رهيبا لا طاقة لهذه الدول به
(٣) وهذا ملحوظ بصورة ظاهرة في الدول المسماة بالنامية حيث تثقل الديون كاهل هذه الدول فضلا عن الربا الفاحش الذي أصبح عبئا رهيبا لا طاقة لهذه الدول به

<<  <  ج: ص:  >  >>