للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثاني

أثر تغير قيمة العملة

تبدو الأهمية العملية لأثر تغير العملة في العقود الآجلة وأظهر هذه العقود بالنسبة لتلك الأهمية القرض والبيع الذي تأجل دفع ثمنه.

والمرجع الوحيد الذي أمكننا الاطلاع عليه في هذا الموضوع: هو رسالة العلامة ابن عابدين الفقيه الحنفي المعروف حيث كتب رحمه الله رسالة أسماها: " تنبيه الرقود على مسائل النقود " (١) وقد جمع في هذه الرسالة ما وصل إليه من كلام الأئمة رضوان الله عليهم.

وقد بدا كلامه عن البيع المؤجل وتعرض من خلاله إلى أثر تغير العملة في حالة الاستقراض أيضًا.

ثم ختم رسالته ببحث الأوامر السلطانية التي تصدر بتغيير قيمة بعض العملات.

وفي هذا الفصل نحاول بحث أثر تغير العملة في الظروف العادية ثم نتكلم عن التغير بناء على قرار تصدره الدولة وذلك في مبحثين على التوالي:

المبحث الأول

أثر تغير العملة في الظروف العادية

مقصودنا بالظروف العادية تلك الظروف التي تتغير فيها قيمة العملة دون صدور قرار رسمي من الدولة في هذا الشأن.

فهو إذن تغير تلقائي حسب قوة العملة مرتبط باقتصاد الدولة ومدى ما تملك من ثروات وهذه الحالة هي التي بدأ ابن عابدين كلامه عنها في رسالته المشار إليها وهو لم يتكلم عن تغير قيمة النقود عموما وإنما تكلم عن الفلوس والدراهم الغالبة الغش.

فإذا أبرم عقد البيع بنقد بلد من هذه الفلوس أو هذه الدراهم ولم يدفع الثمن حتى بطل التعامل بهذه الفلوس وأصبحت غير رائجة في هذا البلد فإن البيع يفسد لأن الثمن قد هلك أما إذا كانت الفلوس رائجة لكن انتقصت فيمتها فإن البيع لا يفسد لأن الثمن لم يهلك والحكم عند أبي حنيفة أن المشتري يدفع الثمن المتفق عليه وعند أبي يوسف أنه يدفع قيمته يوم القبض وكذلك الحال عند الانقطاع (٢)


(١) مجموعة رسائل ابن عابدين "٢/٥٧-٦٧
(٢) المراد بالانقطاع: انقطاع الفلوس بأن أصبحت غير موجودة في أيدي الناس بحيث لا يستطيع المشتري أو المستقرض الحصول عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>