للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم لخص ابن عابدين حكم انقطاع الفلوس ورخصها وغلائها في العبارة الآتية حيث يقول (واعلم أن في الانقطاع قولين: فساد البيع كما في صورة الكساد. والثاني أنه يجب قيمة المنقطع في آخر يوم انقطع وهو المختار وكذا في الرخص والغلاء قولان: الأول / ليس له غيرها والثاني: له قيمتها يوم البيع وعليه الفتوى) (١) فيجب أن يعول عليه إفتاءً وقضاءً لأن المفتي والقاضي واجب عليهما الميل إلى الراجح من مذهب إمامهما ومقلدهما ولا يجوز لهما الأخذ بمقابله لأنه مرجوح بالنسبة إليه (٢) .

وقد أكد ابن عابدين أن الخلاف المشار إليه لا يجري في الذهب والفضة وهو في هذا ينقل عن علماء الحنفية قولهم: (وإياك أن تفهم أن خلاف أبي يوسف جار حتى في الذهب والفضة كالشريفي والبندقي والمحمدي والريال فإنه لا يلزم لمن وجب له نوع منها سواه بالإجماع وهذا كالريال الفرنجي والذهب العتيق في زماننا فإذا تبايعا بنوع منهما ثم غلا أو رخص بأن باع ثوبا بعشرين ريالا أو استقرض ذلك يجب رده بعينه غلا أو رخص (٣) .

ومن هذا يظهر لنا الفارق الكبير بين الذهب والفضة من ناحية وبين الفلوس والدراهم المغشوشة (أو الغالبة الغش) من ناحية أخرى ذلك أن الذهب والفضة أثمان بحكم الخلقة فلا مجال للتغير بشأنهما (٤) وهذا بخلاف الفلوس ونحوها فإنها ليست كذلك وعلى حد عبارة ابن عابدين رحمه الله: (لأن الفلوس والدراهم الغالبة الغش أثمان بالاصطلاح لا بالخلقة فإذا انتفى الاصطلاح انتفت المالية) (٥) .


(١) ابن عابدين المرجع السابق " ص ٦٠.
(٢) ابن عابدين المرجع السابق " ص ٦٠.
(٣) ابن عابدين المرجع السابق: ص ٦٤
(٤) فعلى مدى أربعة عشر قرنا من الزمان لا تكاد تجد تغيراً يذكر بالنسبة للدينار الذهبي
(٥) المرجع السابق: ٢/٦٤

<<  <  ج: ص:  >  >>