للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ب) أما إذا كان المدين قادرا على الوفاء ولكنه يماطل فهو ظالم بنص الحديث الصحيح وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ((مطل الغنى ظلم)) (١) وهو مسئول عن هذا الظلم في الدنيا والآخرة ولاشك أن مسئوليته في الآخرة موكولة إلى الله تعالى وحده. وأما المسئولية الدنيوية فقد بينها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((لَيُّ الواجد يحل عرضه وعقوبته)) (٢) . والمراد من ((ليّ الواجد)) التواؤه ومماطلته بالرغم من أنه يجد ما يسدد به ويدفع منه لصاحبه فهذا الموقف منه يحل عرضه وعقوبته وقد فسر البخاري رحمه الله العرض بأن يقول: أنه مطلني، أو لم يعطني حقي أو أكل مالي إلى غير ذلك بمعنى أن يذكر الظلم الذي وقع منه والتعنت في الوفاء والطرق الملتوية التي سلكها أو حاول سلوكها معه في خصوص ما عليه من دين إذ المظلوم لا يجوز أن يذكر ظالمه إلا بالنوع الذي ظلمه دون غيره (٣) .

وأما عن عقوبته فالمراد منها أن القاضي له أن يعزره لامتناعه عن الوفاء مع قدرته عليه وهذا التعزير قد يصل إلى حبسه (٤) .

وعلى ذلك فأرجو ألا يكون هنالك مانع من الحكم عليه بتعويض الدائن عن الأضرار التي لحقت به وعلى الأخص في هذه الصورة التي معنا حيث تسبب المدين المماطل في إلحاق الضرر بالدائن حيث انخفضت قيمة العملة وانتقص دون شك حق الدائن.


(١) أخرجه الشيخان والأربعة
(٢) أخرجه أحمد وابن ماجه والبيهقي وصححه الحاكم
(٣) لقوله سبحانه {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ}
(٤) سبل السلام للصنعاني ٣/٥٥ طبعة سنة ١٣٦٩ هـ وهو دليل تمسك به القائلون بإباحة حبس المدين المماطل بلا عذر حتى يقضي ما عليه من دين وأجاز جمهور الفقهاء للحاكم أن يحجر عليه وأن يبيع ماله رغما عنه لسداد ما عليه من ديون غير أن الفقهاء اختلفوا حول القدر الذي يصير به المماطل فاسقا فذهب الجمهور إلى أنه لا يفسق إلا إذا ماطل بما قيمته عشرة دراهم قياسا على نصاب السرقة وذهب الهادوية وبعض المالكية والشافعية إلى أنه يصير فاسقا بمماطلته في أداء ما يقل عن ذلك إلا أن فريقا من هؤلاء اشترط تكرار المماطلة حتى يصير فاسقا (المرجع السابق نفس الموضع)

<<  <  ج: ص:  >  >>