استقر قرار المجمع الموقر في جدة كما استقر قرار المجمع التابع للرابطة في مكة المكرمة على اعتبار الأوراق النقدية أموالا كالذهب والفضة لا خلاف في ذلك.
ولكن هذه الأموال تتغير بفعل من الدولة أحيانا وبدونه أحيانا أخرى وهو الأكثر كسادا وانقطاعا أحيانا. ورخصًا وغلاء أحيانًا أكثر وأغلب، وتجري القروض والمداينات بين الناس بها فماذا يلتزمون؟ عددها ومثلها أم قيمتها بالنسبة للذهب والفضة أو العملات الأخرى الثابتة نسبيا، وتكاد الآراء تتوجه إلى الأخذ بالقيمة استحسانا بالقياس إلخ في لولا الخوف من شبهة الربا لا سيما في القرض والديون، فاقتضى ذلك البحث عن الضوابط الكابحة اللاجمة للمضي في الاستحسان لغايته.
هذه هي اليوم مشكلة الساعة والسؤال عنها أضحى واقعة العصر. ويترتب على ذلك آثار كبيرة في الحقوق والواجبات، والفقه مقاطع الحقوق فما موقفه من هذه القضية الاقتصادية الخطيرة؟!
لقد تعرض الفقهاء القدامى رضوان الله عليهم لطرف من هذا الموضوع حسبما كان الوضع حينئذ عندهم، ولكن الأوضاع الاقتصادية التي كانت يومئذ لديهم تغيرت تغيرا جذريا كبيرا، وأصبح الموضوع اليوم لا يكتفي بما قاله فقهاؤنا القدامى رضي الله عنهم، فهم أفتوا لعصرهم وأعرافهم، وعصرنا اليوم يحتاج إلى اجتهاد جماعي في هذا الموضوع ولا يسعه اجتهاد فرد مهما عظمت فقاهته، وإنما نستطيع الاستئناس بما كتب من قبل ودون. وبما يقوله علماء المسلمين اليوم وفقهاؤهم في سبيل دراسة هذه المسألة وتفنيدها ثم التوصل إلى الحكم الشرعي عن طريق الاجتهاد الجماعي حصرا وذلك بقرار مجمعي يكون فيصلا في هذا الشأن وقد يكون توقفا إذا وسعه ذلك، والله الموفق بمنه وكرمه.