للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقصد الأول

تغير قيمة النقد

من الدراهم والدنانير فقط وأحكامه بإيجاز

لعل هنالك إقرارا ضمنيا لدى الفقهاء بأن الدراهم والدنانير من الفضة في الأولى ومن الذهب في الثانية مستقرة في قيمتها وقوتها الشرائية نسبيا، ولو أن التغير في القيمة قد يطرأ عليهما بقدر يسير، والفقهاء متفقون على أنه إذا ترتب على التعامل بالدراهم والدنانير دين سببه القرض أو البيع ثم تغيرت قيمته وقت الأداء لسبب من الأسباب، وحل الأجل فلا يلزم غير ما اتفق عليه بين المتعاقدين. فيؤدى حينئذ بمثله قدرًا وصفة. سواء غلت قيمته أو رخصت، لأن الديون تؤدى بأمثالها لدى كافة الفقهاء.

ويجري هذا الحكم على الدراهم والدنانير الخالصة ومغلوبة الغش. وتكاد هذه القضية تكون من المتفق عليه لدى الباحثين القدامى والمعاصرين وحكى بعضهم فيها الإجماع.

(أ) مذهب الحنفية:

قال ابن عابدين: (إن الدراهم الخالصة أو المغلوبة الغش إذا غلت أو رخصت لا يفسد البيع قطعًا ولا يجب إلا رد المثل الذي وقع عليه العقد وبين نوعه كالذهب الفلاني أو الريال الفلاني) (١) ولا يجري هنا خلاف أبي يوسف لأنه محصور بالفلوس فقط.

(ب) مذهب المالكية:

قالوا إذا بطلت الدنانير أو الدراهم فالمشهور قضاء المثل على من ترتب في ذمته، وكذا إذا تغيرت من باب أولى (٢) ، وهنالك لبعض المالكية أنه إذا أبطلت تلك العملة واستبدل بها غيرها يرجع إلى قيمة العملة الملغاة من الذهب فيأخذ صاحب القيمة ذهبًا، لكن المشهور في المذهب هو الأول.

(ج) مذهب الشافعية:

وجوب رد المثل في القرض، وفي إبطال العملة ليس له غير ما تم العقد به نقص أو زاد أو عز، فإن فقد وليس له مثل، فقيمته على الراجح عندهم ووقتها يوم المطالبة (٣) .

(د) مذهب الحنابلة:

وجوب رد المثل في القرض، والقيمة عند الإعواز.

جاء في مجلة الأحكام الشرعية (المكيلات والموزونات يجب رد مثلها، فإن أعوز لزم رد قيمته يوم الإعواز) (٤) .

وقال مثله في المغني فلينظر.


(١) العقود الدرية: ١ / ٢٨٣، وما بعدها، وتنبيه الرقود: ص ٦١ و ٦٢ و٦٤.
(٢) حاشية الرهوني:٥ / ١١٨، وما بعدها.
(٣) نهاية المحتاج: ٣ / ٣٩٩ وما بعدها؛ والمجموع: ١٣ / ١٧٤.
(٤) انظر المغني على الشرح الكبير: ٤ / ٤٠٥ و ٧١٧ و ٣١٨؛ والمجلة، مادة ٧٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>