٣- الحالة الثالثة: الرخص والغلاء في مذاهب الفقهاء:
المطلب الأول – أقوال أئمة المذاهب الفقهية:
قد تهبط قيمة الفلوس أو الأوراق النقدية بالرخص بالنسبة إلى الذهب والفضة وهذا هو الغالب، وقد ترتفع قيمتها فتغلو، وقد يحدث ذلك بعد أن ثبت في ذمة المدين قيمة قرض أو ثمن مبيع بالأجل أو غير ذلك ويحل الأجل، فهل يؤدي ما التزم به باعتبار الرخص والغلاء أو لا اعتبار لهما؟
اختلفت الفقهاء في ذلك على أقوال ثلاثة في مذهبين لدى الفقهاء الأقدمين أصحاب المذاهب رضوان الله عليهم.
١- المذهب الأول، مذهب الجمهور: المالكية والشافعية والحنابلة، وهو قول الإمام أبي حنيفة وقول الإمام أبي يوسف أولًا ثم يظهر أنه رجع عنه إلى أن الواجب أداء ذات النقد الثابت في ذمة المدين، ولا اعتبار للرخص والغلاء، وللرهوني من المالكية وجه في وجوب المثل في الرخص والغلاء حيث ارتضاه رأيًا فقيده بما إذا لم يكثر الرخص والغلاء جدًّا فتجب القيمة حينئذ لا المثل.
٢- المذهب الثاني، مذهب الحنفية: فقد ذهب الإمام أبو يوسف وعليه الفتوى في المذهب إلى وجوب أداء القيمة في الرخص والغلاء، فإن كان ما في الذمة قرضًا، وجبت القيمة يوم القبض، وإن كان بيعًا فالقيمة يوم العقد، وحكى ابن عابدين رحمه الله تعالى الفتوى عليه.
هذا ووجه الرهوني من المالكية بتقييد الرخص والغلاء بما إذا لم يكثر الرخص والغلاء جدًا بحيث يصير القابض لها كالقابض لما لا كثير منفعة فيه فتجب القيمة حينئذ يجتمع مع الحنفية في هذه المسألة غير أنهم يطلقون هم ويقيد هو، فتحصل أن الرهوني مع المالكية في وجوب المثل فيما إذا كان الرخص والغلاء يسيرًا، فأما إذا فحش الرخص والغلاء فهو مع الحنفية في القول بالقيمة فتجب القيمة يوم القبض في القرض، ويوم العقد في البيع.