للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حل آخر:

بالإضافة إلى هذا الحل الذي ذكرنا، فإنه يمكن للمتعاقد الذي ثبت له نقود في ذمة الآخر آجلا أن يشترط أن يكون الرد بما يساويه من أي نوع آخر. أو أية بضاعة، مثل أن يدفع أحمد مثلا عشرة آلاف جنيه قرضا لخالد، أو أن يبيع له أرضا بها، ثم يقدرونها بما يساويها من نقود أخرى ثابتة، أو سلع أساسية ليعرفوا القيمة الشرائية للدين حتى يرجعوا إليها عند التنازع فيأخذ الدائن حقه بدون بخس ولا شطط، أو أن يتفقا على تثبيت قيمة الدين عند التعاقد، وذلك بأن يتفقا على أن يكون المعول عليه عند الأداء هو القوة الشرائية الحالية للنقد الذي تم به العقد سواء كان قرضا، أو غيره، فإذا كانت قيمة النقد هي ٨٠٠ وحدة شرائية فعند السداد يدفع المدين نفس هذه القيمة بغض النظر عما إذا كان مبلغ الدين عن السداد له هذه القيمة أو أقل أو أكثر (١) .

وهذا الشرط ليس فيه – حسب نظري – أي مخالفة للشريعة الغراء، وذلك لأنه ليس شرطا جر منفعة للدائن، بل هو يحقق العدالة للطرفين، وليس ممنوعا في حد ذاته، بل كل ما يقتضيه هو رد المثلي بالقيمة – إذا قلنا: إن نقودنا الورقية مثلية، وإذا قلنا أنها قيمية فيكون هذا الشرط من الشروط الموافقة لمقتضى العقد.

وهذا الشرط مهما دققنا النظر فيه لن يتجاوز اشتراط ما يضمن رد حقه بدون شطط ولا وكس، فهو مثل من يشترط رد قرضه في بلد آخر ضمانا له من مخاطر الطريق وهو ما يسمى بالسفتجة، وهو جائز عند جمهور الفقهاء، يقول شيخ الإسلام: (والصحيح الجواز، لأن المقترض رأى النفع بأن خطر الطريق إلى نقل دراهم المقرض فكلاهما منتفع بهذا الاقتراض، والشارع لا ينهى عما ينفع الناس ويصلحهم، ويحتاجون إليه، وإنما ينهى عما يضرهم ويفسدهم ... ) (٢) والشرط الذي معنا ليس فيه غرر، ولا يؤدي إلى جهالة، ولا ربا، ولام منازعة بل يؤدي إلى أداء الحقوق كاملة إلى أصحابها في وقت أصبحت التقلبات الكبيرة سمة عصرنا فحينئذ يكون كل واحد يعرف ما له وما عليه، بالإضافة إلى أن الأصل في الشروط هو الإباحة عند جمهور الفقهاء (٣)


(١) د. شوقي دنيا: البحث السابق ص ٧٠، وما بعدها.
(٢) مجموع الفتاوى: ٢٩/٤٥٥- ٤٥٦.
(٣) يراجع مبدأ الرضا في العقود، ومصادره: ٢/ ١١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>