للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهناك أحاديث مشابهة لهذا الحديث في المضمون إلا أن في الاستدلال بالأولوية هنا إشكالا.

ثم إن هذا الحكم أمر إجماعي قد لا يعتد بمخالفة من خالف فيه، وقد يقال بلزوم الغرر إن قلنا بلزوم أداء القيمة ذلك أن أسئلة كثيرة تطرح في البين فإن الدين أو القرض قد تطول مدته وتتخذ القيمة في هذه المدة سيرا بيانيا متفاوتا يصل إلى القمة وينزل إلى الحضيض فهل نأخذ القيمة العليا أو الدنيا أو المتوسط بينهما أو القيمة يوم القبض أو يوم الأداء، وهكذا تتابع الأسئلة مما يحول كل المعاملات التي يتدخل فيها الأجل مهما كان قليلا إلى معاملات غررية!! وربما أمكن القول هنا أن مسألة غررية المعاملة ومجهوليتها مع هذا القرض – هي التي دفعت القوانين الوضعية للتركيز على لزوم إرجاع المثل في القرض دون القيمة وذلك رغم أنها لا تأبه للمسألة الربوية بل هي مرجحة عندهما كما يبدو من ملاحظة الموارد المختلفة.

ولكن قد يجاب عن إشكال الغرر هذا فيقال:

إننا إذا لاحظنا المسألة بالنسبة للعوض المؤجل فقد يقال: إن القبول بتأجيل العوض يعني القبول بالحرمان من الاستفادة من النقود خلال الأجل كما يعني القبول بطروء متغيرات القيمة عليها وخصوصا إذا تمت المعاملة في جو تطرأ فيه المتغيرات بسرعة.

أما في عملية القرض فإنه وإن لم يكن الأمر بمستوى عمليات المعاوضة المؤجلة إذ يستدعي أن المقرض أقرض المبلغ وله الحق بالمطالبة بإرجاعه كما يقتضيه الشرع ولربما اقتضى الشرع إرجاع القيمة (فهي مورد البحث) .

ومن هنا فالصحيح فيها تحديد مورد القرض أهو مثل هذه النقود الورقية أو قيمتها وما يعادلها من الذهب أو الدولار؟ ويتم التسديد على أساس من المتفق عليه (ولا مانع شرعي من ذلك وهو بالضبط ما نقترحه لعمل البنوك لكي تضمن سحب رؤوس الأموال من خلال ضمان قيمها) .

أما عند إطلاق الإقراض فالمنصرف إليه هو إرجاع المثل كما يظهر وعلى أي حال مجال لادعاء الغرر إذن.

ثم إننا نجد المسألة واضحة عندما تتغير العملة إلى الزيادة وحينئذ فليس هناك أحد يحكم بلزوم ملاحظة هذه الزيادة في القيمة.

ويضرب الأستاذ الدكتور السالوس على هذا مثلا برجل اقترض مائتي جنيه ليشتري كيس ذرة ثم انخفض كيس الذرة إلى خمسة وعشرين جنيها فهل بعد الانخفاض يحق له أن يرد كيس ذرة أو خمسة وعشرين جنيها؟

وهذا الوضوح في جانب الزيادة يرفع الغموض في جانب النقيصة لوحدات الملاك في الجانبين.

<<  <  ج: ص:  >  >>