للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهاتان الروايتان صريحتان في عدم استحقاقه ما عدا ما ثبت في الذمة حتى ولو سقطت تلك الدراهم الثابتة في الذمة عن التعامل.

نعم هناك رواية أخرى عن يونس نفسه يقول فيها:

" كتب إلى الرضا (ع) أن لي على رجل ثلاثة آلاف درهم وكانت تلك الدراهم تنفق بين الناس تلك الأيام، وليست تنفق اليوم فلي عليه تلك الدراهم بأعيانها أو ما ينفق اليوم بين الناس؟ قال: فكتب إلي لك أن تأخذ منه ما ينفق بين الناس كما أعطيته ما ينفق بين الناس"

وهذا الاختلاف بين الروايتين حله الشيخ محمد بن الحسن الصفار بقوله: " والحديثان متفقان غير مختلفين فمتى كان له عليه دراهم بنقد معروف فليس له إلا ذلك النقد ومتى كان عليه دراهم بوزن معلوم بغير نقد معروف فإنما له الدراهم التي تجوز بين الناس " (١)

وربما كان يقصد أن الدراهم تارة يتعامل بها كنقد مستقل معروف لدى الناس وحينئذ فالثابت في الذمة هو هذه الدراهم بأمثالها أما إذا لم تكن معروفة بين الناس وإنما كانوا يتعاملون بها بما تحملها من قيمة فإن الثابت هو قيمتها في الذمة ولذا يستطيع صاحب الدين أن يأخذ ما يعادلها من الدراهم الجديدة.

ورأى بعض العلماء أن التعارض مستحكم ولكنه رجح الروايتين الأوليتين لتوافقهما مع القواعد والفتاوى – كما يبدو. وهذا الترجيح في محله.

ويستدل لهذا الرأي أيضا بدليل الأولوية المستخرجة من مسألة في الغصب أو الجحود هي ما لو غصب أحد من آخر مالا أو جحده ثم وقع بيد المجحود أو المغصوب منه مال الآخر فإن الحكم هناك يقتصر على أخذ المال المغصوب أو المجحود لا أكثر.

وحينئذ فالأولوية ثابتة في مثل مسألتنا نحن.

ففي رواية عن ابن مسكان، عن أبي بكر الحضرمي قال: قلت له للإمام الصادق (ع) : رجل لي عليه دراهم فجحدني وحلف عليها أيجوز لي إن وقع له قبلي دراهم أن آخذ منه بقدر حقي؟ قال: فقال: نعم ولكن لهذا كلام، قلت: وما هو؟ قال: تقول: اللهم إني لم آخذه ظلما ولا خيانة وإنما أخذته مكان مالي الذي أخذ مني لم أزدد عليه شيئا (٢)


(١) وسائل الشيعة: ج١٢، الباب ٢٠ من أبواب الصرف، ح ١
(٢) وسائل الشيعة: ج ١٢، الباب ٨٣ من أبواب ما يكتسب به، ح ٤

<<  <  ج: ص:  >  >>