للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ عبد اللطيف الفرفور:

بسم الله الرحمن الرحيم.. شكرًا معالي

الرئيس.. الذى يبدو من ظواهر الأدلة التى احتج بها الفريقان، أن أدلة من ذهبوا إلى تحريم عقود التأمين هى أقوى استنباطا وأتم دلالة وأمتن احتجاجا وأرسخ ارتباطا بنصوص الشريعة ومقاصدها وقواعدها العامة وذلك للأمور التالية:

أولًا: المجوزون للتأمين اعتمدوا في أدلتهم استنادات قياسية استنبطوها من استنتاج الفقهاء المجتهدين، بينما القائلون بحرمته استندوا على نصوص تشريعية وقواعد أساسية أجمع المجتهدون على الأخذ بها والعمل بمقتضاها والفرق واضح بين الاستدلالين.

ثانيًا: المجوزون للتأمين اعتمدوا على تعليلات وتأويلات في الجواز أقل ما يقال فيها أن فيها معنى الغرر المحرم، بينما اعتمد القائلون بالحرمة نصوصا قطعية تحرم الغرر، وفرق كبير بين الأمرين.

ثالثًا: من القواعد المقررة شرعا، إذا تعارض المحرم والمبيح قدم المحرم وكذا تعارض المانع والمقتضى قدم المانع، لذا نأخذ بجانب الحرمة بعقود التأمين باعتبار أنه يتعارض مع الجانب المبيح على افتراض وجود التعارض، ولا تعارض لظهور أدلة المحرمين.

رابعًا: رد القائلون بالتحريم على المبيحين في مسألة القياس على نظام العواقل ونظام التقاعد والمعاش وعقد الموالاة بأنها عقود تعتمد التبرع والدافع الذاتى والمساهمة في أوجه الخير، ولا كذلك نظام التأمين التجاري القائم على الاسترباح والاستغلال وابتزاز الأموال، وكذلك رد القائلون في التحريم على المبيحين في استدلاهم بالاتفاق بمرتب عمري عند المالكية بأن أشهب قال: أكره ذلك، وهو عند المالكية اصطلاح في المنع لا في الإباحة كما قالوا، لذا فإنه يصبح دليلا للمحرمين لا عليهم.

خامسًا: واستدلالهم بقول مالك رضى الله عنه لا يفيدهم لأن مدة الاتفاق معينة هناك وفي عقد التأمين مجهولة فلا يصح.

سادسًا: وكذلك ردوا على المبيحين في استدلالهم بضمانهم لخطر الطريق عند الحنفية بأن هذا تغرير لا غرر، وفي التغرير يضمن.

سابعًا: وردوا على قاعدة الالتزامات عند المالكية بأن ذلك المتحمل معلوم وهذا المتحمل في عقد التأمين غير معلوم فحصل الغدر فبطل القياس.

ثامنًا: وكذلك ردوا على المبيحين بأن الغرر غير مؤثر بقولهم أن الغرر هنا مؤثر في صحة العقد لأنه ينبنى عليه أكل مال كثير بالباطل في جمهور غفير من الناس ليربح أناس ربحا فاحشا على أكتاف الآخرين بلا سبب مشروع.

تاسعًا: وأما عقد الاستئجار على الحراسة فلا يجوز القياس عليه هنا لأنه قياس مع الفارق، فهناك العقد قائم على عمل وهو الحراسة وبذل الجهد واليقظة وليس في عقد التأمين أي عمل تقوم به الشركة لقاء دفع الخطر عن المؤمنين المساكين.

عاشرًا: أما قول الدكتور السنهورى أن الضرورة تبيح التأمين للضرورة مع الغرر كما ذهب إليه مالك، فإن المحرمين قالوا لا نسلم بالضرورة هنا ولا بالحاجة مطلقا لأن الأمة الإسلامية تستطيع أن تتخلص من هذا النظام الاستغلالي إلى تأمين من صنع الشريعة الإسلامية ومن قواعدها وليس في ذلك أي حرج ولا مشقة فيما إذا أراد المسلمون بصدق أن يحكموا شريعة ربهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>