والإسلام حينما يحارب التضخم الاقتصادي فهو يحاربه بتحريمه جملة من المعاملات التجارية كبيوع الغرر والغبن والجهالة والاسترسال وبيع ما لا يملك أو لم يقبض وبيوع الربا بنوعيه ربا الفضل وربا النسيئة وينهى عن تلقي الركبان وعن الاحتكار كما أنه ينهى عن التسعير ما لم توجد له أسباب تضبطه عن الظلم وينهى عن التصرف في سكة المسلمين بما يعود عليهم بالضرر فقد نهى صلى الله عليه وسلم أن تكسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس، ومما يعود على المجتمعات والدول بالتضخم المتاجرة بالأثمان – العملات النقدية – اتجه كثير من علماء الإسلام ومحققيهم إلى التحذير من ذلك فقد قال الإمام الغزالي في كتابه الإحياء ما نصه:
من نعم الله تعالى خلف الدراهم والدنانير وبهما قوام الدنيا وهما حجران لا منفعة في أعيانهما – إلى أن قال – فإذن خلقهما الله تعالى لتتداولهما الأيدي ويكون حاكمين بين الأموال بالعدل ولحكمة أخرى ... هي التوسل بهما إلى سائر الأشياء – إلى أن قال – فهذه هي الحكمة الثانية وفيهما أيضًا حكم يطول ذكرها، فكل من عمل فيهما عملا لا يليق بالحكم بل يخالف الغرض المقصود للحكم فقد كفر بنعمة الله تعالى فيهما فإن من كنزهما فقد ظلمهما وأبطل الحكمة فيهما وكان كمن حبس حاكم المسلمين في سجن يمتنع عليه الحكم لسببه وكل من عامل معاملة الربا على الدراهم والدنانير فقد كفر النعمة وظلم لأنهما خلقا لغيرهما لا لأنفسهما إذا لا غرض في عينهما فإذا اتجر في عينهما فقد اتخذهما مقصودًا على خلاف وضع الحكمة إذ طلب النقد لغير ما وضع له ظلم. اهـ (١)
(١) انظر الورق النقدي، تأليف عبد الله بن منيع: ص ١٠٥ – ١٠٧