للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام في كتاب " الاختيارات ": ومن مطل صاحب الحق حقه حتى أحوجه إلى الشكاية فما غَرِمَه بسبب ذلك فهو على الظالم المبطل إذا كان غرمه على الوجه المعتاد. وقال في الإنصاف في باب الحجر قوله: الثانية: لو مطل غريمه حتى أحوجه للشكاية فما غَرِمَه بسبب ذلك يلزم المماطل. وقال شيخ الإسلام: لو غرم بسبب كذب عليه عند ولي الأمر رجع به على الكاذب. " وحيث كان الأمر ما ذكر فإن نفقات المنتدبين على من تبين أنه الظالم وهو العالم أن الحق في جانب خصمه ولكنه أقام الخصومة عليه مضارة لأخيه المسلم أو طمعًا في حقه. وحينئذ يتضح أن المفلوج في المخاصمة لا يلزم بذلك مطلقًا بل له حالتان، إحداهما: أن يتحقق علمه بظلمه وعدوانه فليزم بذلك المخاصمة مع علمه بأنه مبطل، الثانية: ألا يتضح علمه بظلمه في مخاصمته بل إنما خاصم ظانًّا أن الحق معه أو أنه يحتمل أن يكون محقًّا ويحتمل خلافه فهذه الاوجه شرعًا لإلزامه بتلك النفقات وبهذا يرتدع المخاصمون بالباطل عن خصوماتهم ويأمن أرباب الحقوق على حقوقهم غالبًا ويستريح القضاء من كثير من الخصومات. اهـ. الجزء الثالث عشر، ص ٥٥.

ومن كان له حق على آخر مستحق الأداء، فماطل المدين وهو قادر على الوفاء حتى تغير السعر بأن انخفض سعر الثمن أو العين موضوع الحق الواجب الأداء، فمن منطلق العدل وقاعدة ضمان النقص أو المنفعة أو العين على من تسبب في فواتها، القول بتضمين المماطل ما نقص على صاحب الحق من نقص سعر أو فوات منفعة.

وعليه فمن عقوبة المماطل ربط الحق بسعر يوم سداده، إذا كان فيه نقص على صاحب الحق فإذا مطل المدين دائنه بعد استحقاق الوفاء وترتب على هذا المطل نقص فإنه مضمون لصاحب الحق على مدينه المماطل وهذا مقتضى العدل والإنصاف فالمدين يضمن هذا النقص بسبب ليه ومطله وصاحب الحق يستحق الزيادة على حقه لأن مدينه المماطل أضر به بمقدار هذه الزيادة وهي في الحقيقة ليست زيادة وإنما هي ضمان نقص سببه المماطلة. لقد اختلف العلماء رحمهم الله في تقدير حق المغتصب المماطل في أدائه بسعر يوم سداده قال في منتهى إرادات:

ولا يضمن نقص سعر. اهـ كما اختلفوا في العقوبة التي يستحقها المماطل فذهب جمهورهم إلى عدم الزيادة على الحق مطلقًا كما مر النقل من شرح المنتهى وإن العقوبة المقصودة في الحديث: ((لي الواجد يحل عقوبته)) ما يوقعها ولي الأمر أو نائبه على المماطل من عقوبة تعزيزية بحبس وجلد ـ أو بواحدة منهما.

وذهب بعضهم إلى أن العقوبة هي تكليف المماطل بضمان ما خسره صاحب الحق في سبيل المماطلة بتحصيل حقه. ومن هؤلاء شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وقد سبق ذكر النص عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>