وذهب بعض المحققين إلى القول بضمان نقص السعر، قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله " قال الأصحاب وما نقص بسعر لم يضمن. أقول: وفي هذا نظر فإن الصحيح أن يضمن نقص السعر، وكيف يغصب شيئًا يساوي ألفًا وكان مالكه يستطيع بيعه بالألف ثم نقص السعر نقصًا فاحشًا فصار يساوي خمسمائة، إنه لا يضمن النقص فيرده كما هو؟ اهـ.
وهذا القول هو ما يقتضيه العدل الذي أمر الله به، وهو في نفس الأمر عقوبة للظالم أقرها صلى الله عليه وسلم بقوله:((لي الواجد يحل عقوبته وعرضه)) ، ولا شك أن المماطل في حكم الغاصب بمماطلته أداء الحق الواجب عليه إلا أن تقدير الزيادة عليه يجب أن يراعى في تعيينها العدل فلا يجوز دفع ظلم بظلم ولا ضرر بضرر أفحش منه – ولنضرب مثلًا يتضح فيه طريق التقدير:
زيد من الناس قد التزم لعمرو بمائة ألف دولار أمريكي مثلا يحل أجلها في غرة محرم عام ١٤٠٧ هـ وكان سعر الدولار بالين الياباني وقت الالتزام مائتين وخمسين ينًا وفي أول يوم من شهر محرم عام ١٤٠٧ هـ انخفض سعره إلى مائتين وعشرين ينًا فطلب صاحب الحق حقه من مدينه زيد فماطله إلى وقت انخفض سعر الدولار إلى مائة وخمسين ينًا فما بين سعر الدولار وقت الالتزام بالحق وبين سعره وقت حلول السداد ونقص مقداره ثلاثون ينًا في الدولار هذا النقص لا يجوز أحتسابه على المدين لأنه لم يكن سببًا فيه على الدائن وإنما النقص الذي يجب أن يضمنه المدين للدائن هو الفرق بين سعره وقت حلول السداد وبين سعره بعد المماطلة وهو سبعون ينًا لكل دولار وبهذا المثال يتضح وجه التقدير المبني على العدل وعدم مجاوزة الحد في العقوبة والضمان.
ومما يؤكد كما ذكرنا من أن المنفعة مضمونة على من تسبب في ضياعها مسألة العربون ومسألة الشرط الجزائي.
وكلا المسألتين ضمان لمنفعة مظنونة الوجود غير محققة ومع هذا فقد اعتبر الضمان لتلك المنفعة المظنونة.
وإكتمالا للبحث أذكر أن الشرط الجظائي قد صار باعتباره قرار هيئة كبار العلماء بعدد ٣٥ وتاريخ ٢١/٨/١٣٩٤ هـ أذكر نصه فيما يلي: