أولًا: أن الزيادة الربوية زيادة في غير مقابلة وهي اتفاق بين الدائن والمدين على تأجيل سداد الدين إلى أجل معين في مقابلة زيادة معينة لقاء الاتفاق على التأجيل. بينما الزيادة على الحق المستحق لقاء المماطلة بدون حق هي في مقابل تفويت منفعة على الدائن على سبيل الغصب والتعدي، وهي في نفس الأمر عقوبة مالية سببها الظلم والعدوان.
ثانيًا: أن الزيادة الربوية اتفاق بين الدائن والمدين لقاء تأجيل السداد فهي زيادة في مقابلة الانتظار لزمن مستقبل وعلى سبيل التراضي فالمدين لا يسمى في هذه الحال مماطلًا ولا معتديًا ولا ظالمًا بسبب تأخيره سداد حق دائنه بينما الزيادة عل حق الدائن في مقابلة اللي والمطل بغير حق وضمان لمنفعة فائتة بسبب المماطلة.
ويعتبر المماطل ظالمًا ومعتديًا ومفوتًا منفعة دائنة باحتباس حقه عنده بدون حق فهي زيادة لم تكن موضوع اتفاق على اعتبار التأخير في مقابلتها وإنما هي في مقابلة تفويت منفعة على سبيل الظلم والعدوان بالمماطلة وهي كذلك عقوبة اقتضاها اللي والمماطلة.
ومما تقدم يتضح أن مسائل ضمان قيمة المنفعة على من تسبب في فواتها لها أحوال، منها:
الحالة الأولى: من تسبب بجنايته على عضو إنسان ففاتت منفعة ذلك العضو فلا نعلم خلافًا بين أهل العلم في حال تعذر القصاص في ضمان دية هذه المنفعة.
الحالة الثانية: من غصب عينًا فحبسها عن صاحبها حتى تغير سعرها بنقص فالذي عليه المحققون من أخل العلم ضمان هذا النقص على من تسبب في حصوله. وقد تقدم النص من بعضهم على هذه المسألة وهو الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله.
الحالة الثالثة: من كان له حق على أخر فمطله أداء حقه بغير حق حتى أحوجه إلى شكايته وغرم بسبب ذلك غرمًا على وجه معتاد فالذي عليه المحققون من أهل العلم إلزام المماطل بضمان ما غرمه خصمه في سبيل المطالبة بحقه وقد نص على هذه المسألة أكثر من واحد من أهل العلم ومحققيهم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ محمد بن إبراهيم وغيرهما.
الحالة الرابعة: ضمان المنفعة الفائتة بسبب الإخلال بما جرى عليه التعاقد إذا كان في العقد نص على ذلك وهذه مسألة الشرط الجوائي وقد صدر باعتبار الشرط الجزائي قرار من مجلس هيئة كبار العلماء جرى ذكر نصه في هذا البحث.
الحالة الخامسة: ضمان قيمة منفعة مظنونة الوقوع للتسبب في ضياع فرصة الانتفاع وهذه مسألة العربون ولا يخفى أنها من مفردات الإمام أحمد وقد أخذ بها مجموعة من أهل التحقيق قديمًا وحديثًا.
الحالة السادسة: تضمين المماطل ما يترتب على الدائن من نقص في مقدار دينه بسبب تغير السعر أو بسبب الحرمان من إدارة هذا الدين وتقليبه في الأسواق التجارية وذلك بالحكم له بذلك النقص على مماطلة عقوبة له على ظلمه وعدوانه ومماطلته والحجة في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم ((لي الواجد يحل عرضه وعقوبته)) وقوله صلى الله عليه وسلم ((مطل الغني ظلم)) .