فلو ربطنا الديون بقائمة الأسعار، وقررنا أن الديون تقضى على أساس القيمة الحقيقية، دون القيمة الاسمية، فإن ذلك يقتضي أن من اقترض أربعة آلاف ربية في سنة ١٩٨٠ م فإنه يؤدي عشرة آلاف ربية في سنة ١٩٨٧ م، لأن القيمة الحقيقية لكل واحدة.
فلو نظرنا في هذا الطريق الحسابي الذي تعين به القيمة الحقيقية للنقود، اتضح لنا أن هذا الطريق مبني على الخرص والمجازفة في جميع مراحله، ويتبين بتجزئة هذا الطريق أنه يشتمل على الخرص والتخمين في الأمور الآتية:
١- تعيين البضائع التي تدرج في القائمة:
من المعروف أن كل رجل له حاجات تخصه، فالبضائع المحتاج إليها تختلف باختلاف الرجل، فسلة البضائع لكل أحد تختلف عن سلة الآخر، ولكن السلة المندرجة في قائمة الأسعار واحدة، وإنما تدرج فيها البضائع على أساس كثرة من يستعملها، فربما تدرج فيها بضائع لا يحتاج إليها بعض الناس أبدًا، فالقائمة غير حقيقية بالنسبة إلى أولئك البعض. فإدراج بعض البضائع في القائمة ليس إلا مجازفة وخرصًا.
٢- تعيين وزن البضائع:
ثم المجازفة الثانية تأتي في تعيين وزن البضائع، وأهميتها بالنسبة للمستهلكين، ولا شك أن أهمية البضائع أمر إضافي يختلف باختلاف الأشخاص، فبينما البضاعة الواحدة مهمة جدًا لشخص واحد، فإنها لا أهمية لها إطلاقًا لشخص آخر. ولكن القائمة تفرض أن أهمية كل بضاعة واحدة بالنسبة إلى كل مستهلك، وذلك على أساس المعدل الوسط، وليس ذلك إلا خرصًا ومجازفة.
٣-تعيين قيمة البضائع:
والمجازفة الثالثة في تعيين قيمة البضائع في سنوات مختلفة، لأن من المعلوم أن البضاعة الواحدة تختلف قيمتها باختلاف الأمكنة أيضًا، ولا يمكن في القائمة إلا إدراج قيمة موضع واحد، ولو وضعت القائمة لدولة واحدة فلا يمكن ذلك إلا عن طريق معدل وسط، وهو مجازفة أيضًا.
فتقرر بهذا أن قائمة الأسعار مبنية على الخرص والمجازفة في جميع مراحلها. ولو كان الحساب من الدقة بمكان، فإن غاية ما يصل إليه في ذلك هو التقريب دون التحقيق. وبما أن اشتراط أداء القروض والديون بالخرص والمجازفة لا يجوز شرعًا، فلا يجوز ربط الديون بهذه القائمة بحال.