للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مذاهب الأمام أبي يوسف

في أداء قيمة الفلوس

قد استدل بعض الاقتصاديين على ربط الديون بقائمة الأسعار بما روي من مذهب أبي يوسف رحمه الله تعالى في أداء قيمة الفلوس إذا تغيرت قيمتها عند أداء الديون يقول العلامة ابن عابدين رحمه الله تعالى:

(وفي المنتقى: إذا غلت الفلوس قبل القبض أو رخصت، قال أبو يوسف: قولي وقول أبي حنيفة في ذلك سواء وليس له غيرها، ثم رجع أبو يوسف، وقال: عليه قيمتها من الدراهم يوم وقع البيع ويوم وقع القبض)

ثم نقل عن التمرتاشي قوله:

(وفي البزازية معزيًا إلى المنتقي، غلت الفلوس أو رخصت، فعند الإمام الأول (أي أبي حنيفة) والثاني (أي أبي يوسف) أولًا: ليس عليه غيرها، وقال الثاني (أي أبو يوسف) ثانيًا: عليه قيمتها من الدراهم يوم البيع والقبض، وعليه الفتوى) .

ثم قال ابن عابدين:

" هكذا في الذخيرة والخلاصة بالعزو إلى المنتقى، وقد نقله شيخنا في بحره وأقره. فحيث صرح بأن الفتوى عليه في كثير من المعتبرات فيجب أن يعول عليه إفتاء وقضاء ". (رسائل ابن عابدين: ٢/٦٠) .

فاستدل به بعض الاقتصاديين على أنه إذا وجب الدين في صورة الفلوس، فالواجب أداء قيمتها إذا طرأ عليها الغلاء والرخص، وهذا المذهب قريب جدًا من فكرة ربط الديون بقائمة الأسعار.

ولكن هذا الاستدلال غير صحيح، والحقيقة أن مذهب أبي يوسف رحمه الله تعالى لا علاقة له بفكرة ربط الديون بقائمة الأسعار، لأن من المعلوم بالبداهة، أن التضخم والانكماش ووضع قائمة الأسعار، وتقويم النقود على أساس تلك القائمة، كل هذه الأمور أمور حادثة لم تكن متصورة في زمن الإمام أبي يوسف – رحمة الله تعالى – فحينما يقول أبو يوسف بأداء قيمة الفلوس، فإنه لا يمكن أن يريد به قيمتها المقدرة على أساس قائمة الأسعار، أو القيمة الحقيقية (Real Value) بالاصطلاح الاقتصادي المعاصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>