١- إن النقود الورقية تقوم مقام النقدين (الدنانير والدراهم) في جريان الربا ووجوب الزكاة فيها وكونها رأس مال سلم ومضاربة وحصة في شركة، وإن قول أبي يوسف بوجوب رد قيمة الفلوس في حالة الغلاء والرخص بالنسبة للنقدين لا يجري في الأوراق النقدية لأن هذه الأوراق النقدية تقوم مقام النقدين المتفق على عدم اعتبار الرخص والغلاء فيهما.
٢- يؤكد العلماء الحاضرون في الندوة على أن المقصود بالمثل في أحاديث الربا والقروض، المثل في الجنس والقدر الشرعيين، أي الوزن والكيل والعدد، لا القيمة. وذلك تباعًا لما دلت عليه السنة من إلغاء اعتبار الجودة في تبادل الأصناف الربوية، وما انعقد عليه إجماع الأمة وجرى عليه عملها.
٣- لا يجوز ربط الديون الثابتة في الذمة أيًا كان مصدرها بمستوى الأسعار، بأن يشترط العاقدان في العقد المنشئ للدين، كالبيع والقرض وغيرهما، ربط العملة التي وقع بها البيع أو القرض، بسلعة (أو مجموعة من السلع) أو العملة وقت حلول الأجل بالعملة التي وقع بها البيع والقرض.
٤- الأصل في النفقات أن تقدر عينًا، ويحكم القضاء بقيمة الأعيان عند التنازع تأسيسًا على مستوى الأسعار، ومن ثم فلا حاجة لربطها بمستوى الأسعار على النحو السابق شرحه.
ثم كل ما ذكرناه في هذا البحث الموجز كان يتجه نحو الناحية الشرعية لهذه المسألة، أما الناحية الاقتصادية، فلم أتعرض لها في هذا البحث، لكونها خارجة عن اختصاصي، غير أنه يجدر بالذكر هنا أن فكرة ربط الديون بالأسعار قد واجهت – ولا تزال تواجه – نقدًا عنيفًا من قبل الاقتصاديين أنفسهم، وإن معظم الاقتصاديين اليوم لا يعتبرونها علاجًا للتضخم، وما يعتبرونها إلا كدواء مخدر يستر المرض ولا يزيله، والحق أنها لا تداوي علة التضخم، وإنما تقرها وتسايرها. ولهذا الدواء المخدر أضرار مستقبلية على الحياة الاقتصادية، ومن أجل هذه الأضرار فقد تركته بعض الدول رأسًا كفرنسا.
وبما أن هذه الناحية خارجة عن نطاق موضوعنا، فإني أضرب عنها صفحًا، ومن شاء راجع الكتب الاقتصادية المؤلفة في هذا الموضوع خاصة.