للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثاله: أن زيدًا استأجر عمرًا لشهر، وقرر أنه سيؤدي قيمة ألف ربية موجودة عند نهاية الشهر نظرًا إلى قائمة الأسعار، وقد ازدادت قائمة الأسعار خلال هذا الشهر بقدر اثنين في المائة مثلًا، فيؤديه في آخر الشهر ألفًا وعشرين ربية، لأنها تعادل قيمة ألف ربية في بداية الشهر، ولكن إذا تقرر في نهاية الشهر أن الراتب ألف وعشرون ربية مثلًا، فإنها تبقى ألفًا وعشرين إلى الأبد. فلو لم يستطيع المؤجر أداءها عند نهاية الشهر، حتى مضى على ذلك شهر آخر، أو سنة أخرى، فإن الواجب في الذمة ألف وعشرون لا غير، ولا يتغير قدرها بتغير قائمة الأسعار بعد ذلك، فلو ازدادت القائمة في هذه المدة بقدر العشرة في المائة مثلًا، فلا يستطيع الأجير أن يطالب المؤجر بزيادة العشرة في المائة على الألف والعشرين. لأن الراتب المتفق عليه عند بداية العقد هو ما يعادل الألف عند نهاية الشهر الأول، وكان الرجوع إلى قائمة الأسعار لمجرد تعيين ذلك، فإذا تعينت الأجرة على أساسها مرة، انتهت وظيفة قائمة الأسعار، وصارت الأجرة المعينة دينًا على المؤجر، فلا يزيد هذا الدين ولا ينقص، مهما وقعت التغيرات في القائمة.

وحكمه الشرعي، فيما أرى، أنه يجوز أيضًا، بشرط أن تكون قائمة الأسعار وطريق حسابها معلومًا لدى الفريقين علمًا لا يفضي إلى النزاع. لأن الفريقين قد اتفقا منذ بداية العقد على أن الأجرة ليست ألف ربية، وإنما الواجب ما يعادلها من الروبيات عند انتهاء الشهر حسب قائمة الأسعار، وهي معلومة منضبطة بطريق حسابي معلوم لدى الفريقين، فلا تفضي جهالة قدر الأجرة إلى المنازعة، فصارت كما إذا استأجر رجل أجيرًا على ربيات تعادل عشرة جرامات من الذهب في اليوم الأخير من الشهر، فإذا تقرر في اليوم الأخير من الشهر أن ألفي ربية تعادل عشرة جرامات من الذهب اليوم ظهر أن الأجرة ألفا ربية، ولا تزيد بعد ذلك ولا تنقص، سواء انتقصت قيمة الذهب بعد ذلك أو ازدادت.

<<  <  ج: ص:  >  >>