للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- والطريق الثالث لربط الأجور بالأسعار أن يقع تعيين الأجرة بمبلغ معلوم من النقود، ويشترط العاقدان أن هذا المبلغ هو الواجب في الذمة، وعليه انعقدت الأجارة، ولكن يجب على المؤجر عند أداء الأجرة أن يزيد في هذا المبلغ بنسبة الزيادة في قائمة الأسعار يوم الأداء.

ومثاله: رجل استأجر أجيرًا على ألف ربية، وتقرر بينهما أن الأجرة ألف ربية، ولكن يجب على المؤجر كلما أدى هذه الألف ربية أن يضيف إليها نسبة الزيادة في قائمة الأسعار يوم الأداء، فإن أدى آخر الشهر ونسبة الزيادة يومئذ اثنان في مائة، فإنه يضيف إلى الآلف عشرين، وإن أداها بعد سنة ونسبة الزيادة يومئذ عشرة في المائة، فإنه يضيف إلى الألف مائة، وهكذا.

وحكمة الشرعي، فيما أرى، حكم ربط الديون بالأسعار وهو أنه لا يجوز شرعًا كما مر تفصيلًا ولله الحمد.

والفرق بين هذه الصورة والصورة الثانية أن قائمة الأسعار إنما استخدمت في الصورة الثانية لتعيين الأجرة المتفق عليها، فإذا تعينت الأجرة على أساسها، انتهت وظيفة القائمة، وصارت الأجرة المعينة هي الواجبة في الذمة إلى الأبد.

وأما في هذه الصورة الثالثة، فالأجرة المقررة هي الألف ربية، فصارت الألف ربية دينًا على المؤجر، وإن هذا الدين قد ارتبط بقائمة الأسعار، فحكمه حكم ربط الدين بالأسعار.

ولا نستطيع هنا أن نقول: إن قائمة الأسعار، تؤدي دورها في تعيين الأجرة، لأن الأجرة يجب أن تكون معلومة عند العقد، أو في ثاني الحال، بحيث لا تقبل الزيادة والنقصان بعد ذلك.

فإذا تعلقت الأجرة بشيء آخر إلى الأبد، بحيث تزيد بزيادته وتنقص بنقصانه، فإن ذلك أجرة مجهولة متراوحة لا تستقر على قدر معلوم، وإن هذه الجهالة تفسد عقد الإجارة.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

القاضي محمد تقي العثماني

<<  <  ج: ص:  >  >>