وهذا كلام سليم كذلك الظلم يترتب حتى في القروض. ولو قلنا إنه يعطى المثل لربما سد باب التيسير على الناس، فيحجم الناس عن إعطاء القروض. ثم إننا نقيده أيضًا بقيد وهو أن الذي يقرر حالة الغلاء ليس الأفراد فيما بينهم وإنما هي الدولة، لأنها حالة اقتصادية نادرة الحدوث، فينبغي أن تكون بيد الدولة، وهي التي تقرر إن كان هناك تغير فاحش، أم لا، وتقدر نسبة التغير كما هو معمول به في الدول. وفي حالة التضخم الدولة هي التي تقدر هذا التضخم. وبذلك لا يكون الأمر فوضى كما قد يتصور البعض.
الزميل على القرة داغي بالأمس ذكر عشر حجج قوية في إسناد هذا الرأي ولا أعيدها حفاظًا على الوقت. وإنما إضافة إلى ما ذكر: إن هذا الرأي له نظائر وتسنده قواعد شرعية معتبرة فنظائره: الفقهاء تكلموا في بيع الفلوس إذا حصل تخالف وفسخ وهي تالفة فقالوا: تجب القيمة. واعتبروا القيمة يوم التلف، على خلاف وتفصيل بينهم. كذلك تكلموا عن استعارة الفلوس، ففي تلقيها حال الاستعارة قال بعضهم بالقيمة يوم التلف. وأيضًا قالوا: لو أخذت الفلوس على جهة السوم فتلفت ففيها القيمة يوم القبض أو يوم التلف على خلاف بينهم. أما القواعد التي تندرج تحتها هذه المسألة فهي قواعد كثيرة وبيان الصلة بينها وبين كل قاعدة يطول. هذه القواعد كقاعدة الضرورة والضرر لا يزال بالضرر، والضرورة تقدر بقدرها، والحاجة تنزل منزلة الضرورة، والميسور لا يسقط بالمعسور، والمشقة تجلب التيسير، ورفع الحرج، وغير ذلك وبسط هذا كما قلت يطول. أقول قولي هذا واستغفر الله.