للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل السادس

المنفعة

المبحث الأول

تعريف وأدلة اعتبارها مالًا أو عدم اعتبارها

تعريف المنفعة:

هي في اللغة اسم ما انتفع به، يقال: نفعه بكذا فانتفع به (١) .

وفي الاصطلاح: كل ما يقوم بالأعيان من أعراض، وما ينتج عنها من غلة كسكن الدار وأجرتها وثمرة البستان ولبن الدابة (٢) .

وملك المنفعة قد يكون بملك العين، وقد يكون ملك المنفعة دون العين، كالإجارة والإعارة والوصية بالمنفعة والوقف، وقد يكون الملك للانتفاع لا للمنفعة – على ما سيأتي بيانه عند الكلام على "الملك" ولقد انبنى على خلاف الفقهاء في معنى المال وتعريفه الخلاف في المنفعة من حيث: حقيقتها وما إذا كانت تندرج تحت مسمى المال، فتملك كما يملك المال، ويجري عليها ما يجري عليه من التصرفات. وإن الوقوف على حقيقة المنفعة والخلاف فيها بين الفقهاء، يخدم موضوع الاسم التجاري، بل هو صلب موضوعه، كما سيتبين:

ملك المنفعة وحق الانتفاع:

قد يظن أن ملك المنفعة وحق الانتفاع شيء واحد، وهما مختلفان. فجمهور الفقهاء المالكية والشافعية والحنابلة يفرقون بينهما: قال القرافي: تمليك الانتفاع نريد به أن يباشر هو بنفسه فقط، وتمليك المنفعة هو أعم وأشمل، فيباشر بنفسه، ويُمكََّنُ غيره من الانتفاع بعوض كالإجارة، وبغير عوض كالعارية.

ومثَّل لملك الانتفاع بسكن المدارس والرباط والمجالس في الجوامع والمساجد والأسواق ونحو ذلك، فله أن ينتفع بنفسه فقط، ولو حاول أن يؤاجر بيت المدرسة أو يسكن غيره، أو يعارض عليه بطريق من طرق المعاوضات امتنع ذلك.

ومثَّل لملك المنفعة بمن استأجر دارًا أو استعارها، فله أن يؤاجرها من غيره أو يسكنه بغير عوض، ويتصرف في هذه المنفعة تصرف الملاك في أملاكهم على جَرْي العادة على الوجه الذي ملكه، فهو تمليك مطلق في زمن خاص حسبما تناوله عقد الإجارة، أو شهدت به العادة في العارية. ثم قال: "ويكون تمليك هذه المنفعة كتمليك الرقاب" (٣) ، وبمثل هذه التفرقة قال العدوي المالكي:

"مالك الانتفاع ينتفع بنفسه، ولا يؤجَّر ولا يهب ولا يعير، ومالك المنفعة له تلك الثلاثة مع انتفاعه بنفسه" (٤) .


(١) لسان العرب، لابن منظور، مادة: نفع.
(٢) الميراث والوصية، للشيخ محمد زكريا البرديسي: ص ١١٧، طبع الدار القومية للطباعة والنشر ١٣٨٣ هـ - ١٩٦٤م بمصر.
(٣) الفروق، للإمام شهاب الدين القرافي: ١/٢٣٢، الطبعة الأولى دار إحياء الكتب العربية ١٣٤٦ هـ بمصر، والأشباه والنظائر، لابن نجيم: ص ١٤٣.
(٤) حاشية العدوي على الخرشي: ٧/٧٩، وللفرق بينهما إشارة في حاشية عميرة: ٣/١٨، ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>