للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويفهم من كلام الفقهاء هذا التفرقة بين المنفعة والانتفاع من حيث المنشأ والمفهوم والآثار، وخلاصة ما قيل في الفرق بينهما وجهان:

الأول: أن سبب حق الانتفاع أعم من سبب ملك المنفعة، لأنه كما يثبت ببعض العقود كالإجارة والإعارة مثلًا، كذلك يثبت بالإباحة الأصلية كالانتفاع من الطرف العاقد والمساجد ومواقع النسك، ويثبت أيضًا بالإذن من مالك خاص، كما لو أباح شخص لآخر أكل طعام مملوك له، أو استعمال بعض ما يملك.

أما المنفعة فلا تملك إلا بأسباب خاصة، هي: الإجارة والإعارة والوصية بالمنفعة والوقف. وعلى ذلك، فكل من يملك المنفعة يسوغ له الانتفاع، ولا عكس، فليس كل من له الانتفاع يملك المنفعة، كما في الإباحة مثلًا.

الثاني: أن الانتفاع المحض حق ضعيف بالنسبة لملك المنفعة، لأن صاحب المنفعة يملكها ويتصرف فيها تصرف الملاك في الحدود الشرعية، بخلاف حق الانتفاع المجرد، لأن رخصته لا يتجاوز شخص المنتفع (١) .

وعلى هذا فإن ملك المنفعة أعم وأقوى من حق الانتفاع، فمن ملك شيئًا تصرف فيه لخاصته نفسه، أو تصرف فيه لغيره بأي صورة من صور التصرف، ومن له حق الانتفاع لا يحق له التصرف فيه لغيره.

أما الحنفية فلا تظهر لهم تفرقة بين المنفعة وحق الانتفاع.


(١) الموسوعة الفقهية: ٦/٢٩٩، مصطلح "انتفاع" مطبعة الموسوعة الفقهية ١٤٠٥ هـ - ١٩٨٥م دولة الكويت.

<<  <  ج: ص:  >  >>