للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثاني

الملك والمنفعة والاختصاص والإباحة

(أ) الملك والمنفعة:

العلاقة بين الملك والمنفعة علاقة من حيث المحل، وقد اصطلح الفقهاء على تقسيم الملكية من حيث المحل إلى ملكية تامة، وملكية ناقصة (١) .

والملكية التامة: هي ملكية العين والمنفعة، فيتمتع المالك حينئذٍ بجميع الحقوق والتصرفات التي يمكنه الشارع منها، فيتصرف في العين والمنفعة.

وفي مرشد الحيران: (الملك التام من شأنه أن يتصرف به المالك تصرفًا مطلقًا فيما يملكه، عينًا ومنفعة واستغلالًا، فينتفع بالعين المملوكة وبغلَّتها وثمارها ونتاجها، ويتصرف في عينها بجميع التصرفات الجائزة) (٢) .

والملكية الناقصة: هي ملكية المنفعة دون العين. أو العين دون المنفعة. وعلى هذا فالملكية التامة نوع واحد هو ملكية العين والمنفعة.

وأما الملكية الناقصة فهي على أنواع: ملكية العين فقط، أو المنفعة فقط، أو الدين. على البيان التالي:

أما ملك العين والمنفعة: فهذا هو الأصل في الممتلكات على جهة العموم فيما يملك بسببه كالبيع والهبة. قال ابن رجب في هذا النوع: هو (عامة الأملاك الواردة على الأعيان المملوكة بالأسباب المقتضية لها) (٣) .

وأما ملك العين: ويتحقق عند تملك الرقبة دون المنفعة، فتكون الرقبة مملوكة لشخص والعين لآخر. فلا يحق حينئذٍ لمالك العين أن يتصرف في المنفعة أو ينتفع بها، كما لا يجوز أن يتسبب في الإضرار بمالك المنفعة بتصرف في العين تصرفًا ضارًّا. ومثل له ابن رجب والسيوطي وغيرهما: (بالعبد الموصي بمنفعة أبدًا رقبته ملك للوارث) (٤) ، (أو بالوصية بالمنافع لواحد وبالرقبة لآخر) (٥) .

وأما ملك المنفعة: ويتحقق عند تملك الإنسان حق الانتفاع كاستئجار دار للسكنى، قال ابن رجب: (ملك المنفعة بدون عين له ضربان: أحدهما ملك مؤبد ويندرج تحته صور عدة، منها: الوصية بالمنافع كما سبق، وهذه الصور تشمل جميع أنواعها إلا منفعة البضع ففيه خلاف، ومنها الوقف) . والضرب الثاني ملك غير مؤبد ومن هذا النوع الإجارة ومنافع المبيع المستثناة في العقد مدة معلومة، ومنه ما هو غير موقت لكنه غير لازم كالعارية على وجه، وإقطاع الاستغلال.


(١) حاشية قليوبي وعميرة: ٣/٢٤٧.
(٢) مرشد الحيران مادة: ١١.
(٣) القواعد، لابن رجب ص ٢٠٨، القاعدة السادسة والثمانون؛ والأشباه والنظائر، للسيوطي: ص ٣٢٦.
(٤) الأشباه والنظائر، للسيوطي: ٣٢٦.
(٥) القواعد، لابن رجب: ص ٢٠٩؛ ومرشد الحيران مادة ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>