للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما ملك الانتفاع المجرد: فهو أن يملك الانتفاع دون المنفعة، وله صور منها: ملك المستعير، فإنه يملك الانتفاع لا المنفعة: ومنها المنتفع يملك جاره من وضع خشبة وممر في دار ونحو ... (١) .

وقال السيوطي: (كل من ملك المنفعة فله الإجارة والإعارة، ومن ملك الانتفاع فليس له الإجارة قطعًا، ولا الإعارة في الأصح) (٢) .

وأما ملك الدين: بأن يكون لشخص دين في ذمة آخر بسبب ما (كثمن مبيع على مشتريه، وبدل قرض على مقترضه، وقيمة مال متلف على من أتلفه ونحو ذلك، ولا يسمى دينًا إلا إذا كان المبلغ التزامًا في الذمة) (٣) ، وعلى هذا فالوديعة إذا كانت نقودًا مثلًا هي من قبيل ملك العين لأنها أمانة، ولو تصرف بها عُدَّ غاصبًا فيضمن؛ لأن مبلغ الوديعة أصبح دينًا في ذمته.

والجمهور على رأيهم في مضمون المال فيعتبرون الديون أموالًا لعدم اشتراطهم كون المال عينًا يمكن إحرازها – كما سبقت الإشارة – والحنفية كما هو أصل مذهبهم في مضمون المال لم يعتبروا الديون أموالًا حقيقة بحيث يتصور قبضها فقالوا: (الدين مال حكمًا لا حقيقةً، ولذا كانت البراءة منه تصح بلا قبول لعدم المالية الحقيقية) (٤) ، (فهم يعتبرون الدين مالًا حكمًا لا حقيقةً، لكونه معدومًا، وإنما جعل مالًا لحاجة الناس إليه في المعاملات، فهو ليس بشيء حقيقة، ولكنه وصف حكمي يلحق بالأموال باعتبار أنه يصير مالًا بالقبض) (٥) .

لكن الراجح عند جمهورهم كما هو اتفاق الفقهاء: على أن الديون محل للملك وخالف في ذلك بعض الحنفية، وقالوا: إنها لا تملك، لأنها وصف شرعي. وفي حاشية ابن عابدين: (والحق ما ذكروا من ملكه) . وكذلك في فتح القدير (٦) .


(١) القواعد، لابن رجب: ص ٢٠٩؛ والأشباه والنظائر للسيوطي: ص٣٢٦
(٢) الأشباه والنظائر، للسيوطي: ص٣٢٦.
(٣) المدخل الفقهي العام، للأستاذ مصطفى الزرقا: ١/٢٧٥.
(٤) فتح القدير: ٥/٢٥٠.
(٥) الملكية في الشريعة الإسلامية، للدكتور عبد السلام العبادي: ١/١٨٦.
(٦) حاشية ابن عابدين ٤/٢٩٩؛ وفتح القدير: ٥/٣، أفاد ذلك الدكتور عبد السلام العبادي في كتابه الملكية: ١/١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>