للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلاصة حكم هذا النوع من الحقوق:

ومن المناسب قبل أن نتقدم أن نحرر ما تحصل مما سبق من النصوص الفقهية، وهي أمور:

١- إن تعريف البيع أمر اختلف فه الفقهاء، فالشافعية والحنابلة لا يشترطون في المبيع أن يكون عينًا، بل يجوزون بيع المنافع المؤبدة. وكذلك يظهر من بعض فروع المالكية.

٢- إن الحنفية وإن اشترطوا في البيع أن يكون المبيع عينًا، ولكنهم أجازوا بيع حق المرور، وعللوا ذلك بأنه حق يتعلق بعين، فأخذ حكمه في جواز البيع.

٣- ويظهر من ذلك أن الحقوق المتعلقة بالأعيان حكمها عند الحنفية حكم الأعيان، فيجوز بيعها ما لم يكن هناك مانع آخر من البيع، مثل الغرر أو الجهالة.

٤- إن الحقوق التي لا تتعلق بالأعيان، مثل حق التعلي، لا يجوز بيعها عند الحنفية، ولكن يجوز الاعتياض عنها بطريق الصلح على ما ذكره بعضهم.

وفي ضوء هذه النقاط الأربعة نستطيع أن نقول: إن بيع هذا النوع من الحقوق العرفية، وهو حق الانتفاع بالأعيان جائز عند الأئمة الثلاثة الحجازيين، وإنما منه الحنفية، فقالوا: لا يجوز الاعتياض عن الحقوق المجردة، ولكن هذا الحكم عندهم ليس بهذا العموم الذي يتوهم من لفظه، بل استثنى منه الفقهاء بعض الحقوق التي تتعلق بالأعيان. وإن للعرف مجالًا في إدراج بعض الأشياء في الأموال، فإن المالية كما يقول ابن عابدين رحمه الله، تثبت بتمول الناس. فلو كانت بعض الحقوق تعتبر في العرف أموالًا متقومة، وتعامل بها الناس تعامل الأموال، ينبغي أن يجوز بيعها عندهم أيضًا بشروط آتية:

١- أن يكون الحق ثابتًا في الحال، لا متوقعًا في المستقبل.

٢- أن يكون الحق ثابتًا لصاحبه أصالة، لا لدفع الضرر عنه فقط.

٣- أن يكون الحق قابلا للانتقال من واحد إلى آخر.

٤- أن يكون الحق منضبطًا بالضبط، ولا يستلزم غررًا أو جهالة.

٥- أن يكون في عرف التجار يسلك به مسلك الأعيان والأموال في تداولها.

<<  <  ج: ص:  >  >>