للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الأولى - هل الاسم التجاري ينطوي على حق شرعي؟

ونحن نعني الآن بالاسم التجاري الشعار الذي يتخذ اسمًا لنوع البضاعة. أما اسم الملح التجاري فنذكره فيما بعد.

ولعل أخصر وأجمع تعريف للحق ما ذكره الأستاذ الجليل مصطفى الزرقاء في كتابه المدخل الفقهي مستخلصًا من عدة تعاريف ذكرها الفقهاء، وهو:

" اختصاص حاجز شرعًا يسوغ صاحبه التصرف إلا لمانع " (١) .

إلا أن الأستاذ الزرقاء ساق هذا العريف وارتضاه للملك لا للحق. ونحن نرى أن تعريف الحق الذي هو أعم من الملك داخل فيه، وهو " اختصاص حاجز شرعًا " إذ الحق بمعناه العام ما أورث صاحبه الاختصاص، بقطع النظر عن تسويغه التصرف به والاعتياض عنه أو عدم تسويغه ذلك. فيشمل هذا التعريف العام حقوق الله وحقوق العباد والحقوق المعنوية والمالية والعقدية ... إلخ.

إذا علمنا هذا، فهل ينطبق تعريف الحق على العلاقة السارية ما بين التاجر والشعار الذي اتخذه عنوانًا على بضاعته. أي هل للتاجر أن يستأثر بهذه العلاقة من دون الناس، باسم الشرع وحكمه، بحيث لا يجوز شرعًا أن ينسب غيره هذا الشعار إلى بضاعته على نحو ما هو مقرر من نسبة حق التأليف إلى صاحبه؟

تتوقف معرفة الإجابة عن هذا السؤال على إدراك المغزى الذي يعبر عنه الشعار التجاري الدارج إن هذا الشعار أو الاسم لا يراد من إطلاقه أكثر من التعريف بالبضاعة التي انفرد صاحبها بصنعها أو ابتكارها، وإخراجها على الوجه المتميز الذي أتيح له وحده، اقتراضًا، أن يخرجها فيه. ولما كان من حق صاحب هذه الصنعة المتقنة أن يحيط صنعته بذاتية مستقلة تحجزها عن الضياع والالتباس، فقد كان أيسر سبيل إلى هذا الحجز والتمييز أن يَسِمَهَا بشعار خاص يكسبها الذاتية المستقلة بين السلع والبضائع الأخرى.


(١) المدخل الفقهي العام: ١ / ٢٤١؛ وانظر المدخل إلى نظرية الالتزام، للأستاذ الزرقا أيضًا: ٢ / ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>