ولا بد أن نلفت النظر إلى أن موضوع البحث محصور فيما درج عليه عرف كثير من التجار المحدثين الذين لم تتحقق لهم شهرة كافية، من الإقدام على شراء أسماء ذائعة لمحال تجارية مشهورة، كي يغطوا أنفسهم تحتها؛ ومعنى هذا أن اللقب الذي يتم شراؤه يبقى كما هو دون أي تعديل أو تقييد أو بيان لصاحب المحل الجديد؛ ذلك لأن أي تعديل فيه يذهب بجدوى عملية الشراء كلها.
إن من الواضح أن شراء هذا اللقب على هذا النحو ينطوي على غرر وتدليس واضحين. ومن ثم فإن القواعد الفقهية تقتضي بطلان هذا العقد.
ولكن ينبغي أن يقال إن عملية الشراء هذه تصبح نافذة، فيما إذا أمكن أن تكون تعبيرًا عن عملية نقل للخبرة والمزايا التجارية إلى المحل الجديد أو الإدارة الجدية، إن العقد عندئذ يصبح نافذًا دون أن يكون ثمة ما يمنع من صحته، سواء كان التكييف الفقهي لذلك شراء للخبرة والمزايا الخاصة، أو استئجارًا على عملية تدريب وتعليم.
ويتحصل مما قلناه أن لقب المحل التجاري، عندما لا يكون أكثر من عنوان تقليدي على المحل للدلالة عليه، أي لم يتحول بعد إلى وعاء يحمل مزاياه وشهرته، فإنه لا يشكل عندئذ أي حق لصاحب المحل لا حقًا ماليًا متقررًا ولا حقًا شخصيًا مجردًا. وقد علمنا أن اختيار اسم ما لشيء، لا يجري فيه تزاحم ولا تنطبق عليه قاعدة؛ من سبق إلى مباح فهو أحق به.
وبناء على ذلك فإن لمن شاء أن يختار أي اسم رآه لمحل تجاري اسمًا لمحله هو أيضًا، أو اسمًا لأي شيء في حوزته، ما دام أنه لم يتحول إلى وعاء شهرة، ولم يصبح دالًا على مزايا وصفات معينة قد يختص بها ذلك المحل وحده.
ولكن الأمر يختلف عندما تتجسد شهرة المحل بسبب مزاياه التي اختص بها، في الاسم الذي عرف به. إذا يغدو أخذ هذا الاسم عندئذ مضارة واضحة لا يقرها العدل، ومن ثم لا يقرها الشرع.
وشراء هذا الاسم صحيح، إذا تحقق فيه شرط الإقباض، ولما كان محط العقد في حقيقته على مصدر الشهرة الذي هو الجودة والإتقان لا على مجرد لوحة كتب عليها اسم، فإن عملية الإقباض يجب أن تتجه إلى هذه الجودة وأسرارها، لا إلى عنوانها الكلامي المجرد.
فإن لم يتحقق هذا الإقباض فالعقد غرر وتلبيس، غرر بين المتبايعين، وتلبيس على الناس والمستهلكين، فهو لذلك عقد باطل.