الاسم التجاري بمعنى اللقب المعلن على المحل التجاري:
بقي أن نتكلم على اللقب الذي يطلق على محل تجاري، أيجوز شراؤه، وهل يكون هو الآخر مناط حق لمالك المحل؟
ومن المعلوم أن عوامل شهرة متجر ما كثيرًا ما تتمركز في الاسم المعروف لمحله، بحيث يستقل هذا الاسم في كثير من الأحيان بجذب المستهلكين، ويحملهم على تقديم الثقة المطلقة بصاحبه.
ومما لا ريب فيه أن هذا الاسم يشكل بذلك حقًا ماليًا لصاحبه، فله أن يستأثر به من دون الناس لا من حيث إن التاجر سبق الآخرين في اختيار هذا الاسم، فكان له أولوية السبق إليه والاختصاص به، كما قد فهمه بعض الباحثين، ذلك لأنه لا تزاحم في اختيار اسم واحد لأكثر من مسمى. بل من الممكن أن يستوعب الاسم الواحد مسميات شتى، بخلاف السبق إلى الأماكن وإحراز الأموال المباحة، فإن التزاحم فيها قائم، والحل أن يستقر الحق للسابق.
وإنما تتكون علاقة الاختصاص بين اللقب التجاري للمحل وبين صاحبه، من الدلالة التي يحملها ذلك اللقب على ما يمتاز به ذلك المحل من خصائص ومزايا يفترض أنها قد لا توجد في غيره.
إذ من الواضح أن أي شهرة تجارية ينالها محل تجاري ما، إنما تنصب وتتمركز في اسم ذلك المحل ومن هنا تنشأ شرعية اختصاص الاسم به أو بصاحبه بتعبير أصح.
ومن ثم يدخل استلاب هذا الاسم في معنى الغصب والعدوان، ذلك لأن الاستلاب لم يكن في الحقيقة لاسم مجرد يحمل دلالة لغوية على معنى ... وإنما هو استلاب لرصيد شهرة يفترض أنها تكونت من مجموعة مزايا وصفات تجارية حميدة لصاحب المحل، وحملت في داخلها من جراء ذلك بذور نفع مادي لصاحب ذلك الرصيد. فهو في الحقيقة عدوان على الوعاء الذي حوى بذور نفع مادي مستمر لا على اسم من حيث هو اسم ذو دلالة لغوية مجردة.
وهذا يعني أن الحق الكامن في لقب المحل التجاري حق مالي متقرر، يتعلق بمنفعة مالية متقومة. والشأن فيه كالشأن في المنفعة المالية الثابتة في الاسم التجاري للبضاعة، طبقًا لما أوضحناه.
ولكن هل يصح شراء اللقب المعلن على المحل التجاري؟
يرد في الجواب عن هذا السؤال الكلام ذاته الذي قلناه في شراء الاسم التجاري للبضاعة فهو شراء لما لا سبيل للحصول عليه. ومن ثم فهو عقد يتضمن غررًا وجوديًا أو حصوليًا. وقد أوضحنا أن مثل هذا العقد باطل بالاتفاق. هذا عدا أنه يستلزم انتشار الغرر والتلبيس على عامة الناس من المتسهلكين، إذ يخدعهم العنوان قبل أن يفاجأوا بأنه عنوان قديم ولكن على بضاعة وصناعة أخرى حديثة.