للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإجارة في الشريعة الإسلامية:

إن القاعدة العامة الضابطة للإجارة في الشريعة لا تحتلف عن مفهوم الإجارة العام الذي يقتضي بأن ينتهي العقد بانتهاء المدة المشروطة بين المتعاقدين، وعلى المستأجر أن يتخل عن العين المؤجرة لانقضاء حقه فيها ولا حق له في البقاء في المحل إلا بعقد جديد.

ولأجل ذلك فلا يجوز للمستأجر بعد انتهاء المدة أن يتصرف في العقار بأي وجه من الوجوه وما يأخذه من مال بعقد أو بغيره لا يحل له شرعًا.

أما ما يأخذه المستأجر مقابل تنازله عن اختصاصه بمنفعة العقار المؤجر لشخص آخر يحل محله قبل انتهاء المدة فهو جائز شرعًا؛ لأنه في حقيقته بيع للمدة الباقية من المنفعة المستحقة بعقد الإجارة وقد أجاز هذا البيع الشيخ عليش في فتواه حيث إنه قال:

الذي يدور عليه الجواب في ذلك أن الساكن الذي أخذ الخلو إن كان يملك منفعة الحانوت مدة فأسكنها غيره وأخذ على ذلك مالًا، فإن كان الآخذ بيده إجارة صحيحة من الناظر أو الوكيل بشروطها فهو سائغ له الأخذ على تلك المنفعة التي يملكها (١) ، والعين ليست مملوكة بالإجارة كالمبيع لأن المعقود عليه هو المنفعة وبه قال مالك وأبو حنيفة (٢) .

أما إذا أراد المستأجر الاستقرار بالمحل فله أمران؛ إما أن يجدد عقد الإجارة عند انتهاء المدة، وإما أن يدفع للمالك أو ناظر الوقف عوضًا معجلًا ويلتزم له بمقدار كراء سنوي أو شهري مقابل استمراره بالمحل ويتصرف بعد ذلك في منفعته بشتى وجوه التصرف من كراء وهبة وإعارة، ونحو ذلك فلا يبقى لصاحب الحانوت أو الدار من منفعتهما إلا بمقدار ذلك الكراء السنوي أو الشهري وما زاد على ذلك فهو ملك لدافع العوض فيكون المستأجر قد اشترى حق الاستمرار في المحل من المالك، وهو مسمى بيع الخلو عند من أجاز هذا النوع من البيع، ومن أنواع الخلو الذي يثبت فيه للمستأجر حق الاستمرار.

خلو المفتاح بتونس: وهو المعروف بمصر بخلو الحوانيت وهو عبارة عن أن يتسلم الإنسان من مالك أو ناظر وقف عقارًا على أن يدفع له مقدارًا من المال معجلًا، ويكون ما صرفه خلوا له ويلتزم به بقدر من الكراء سنوي أو شهري ويتصرف به بعد ذلك في منفعته بشتى وجوه التصرف من كراء وهبة وإعارة، لأنه أصبح شريكًا لصاحب الرقبة في المنفعة ويبقى لصاحب الحانوت الكراء السنوي أو الشهري، وما زاد فهو مالك لدافع العوض ويجري العرف باستحقاق المستأجر حق القرار أبدًا ولو لم ينص في العقد على المدة وهذا جاز به العرف في بعض البلدان الإسلامية كتونس ومصر والمغرب الأقصى.


(١) فتح العلي المالك، الشيخ محمد عليش: ٢/١٤٦ طبعة بولاق ١٣٠١هـ.
(٢) روضة الطالب، للإمام النووي: ٥/٢٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>