للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما أهل تونس فقد اصطلحوا على تسمية هذا النوع من العقود المؤبدة بالنصبة أو الراغلة أو العدة، ويذكر الشيخ محمد السنوسي في كتابه مطلع الدراري (١) سبب نشوء خلو النصبة أن " الأصل فيه أن الغرباء الوافدين على البلاد كانوا إذا اكترى أحدهم حانوتًا بغير عمارة وأنفق عليها ما يحتاجه من الخزائن وآلة الصناعة والموازين وأراد المالك أو ناظر الأوقاف إخراجه بعد انقضاء أمد الكراء شكا من خسارة ما استكمل به عمارة المحل، وحيث إن المالكين وناظري الأوقاف لم يجعلوا لحوانيتهم ما يلزم للصناعة المعد لها الحانوت مع كونهم أكروه لإقامة تلك الصنائع وتحمل المكترون وحدهم مصاريف ذلك وقع الحكم بأن المكتري إذا كان على تلك الصفة ووضع ما يلزم من العمارة بإذن المالك فلا يصح إخراجه إلا أن يقبل المالك تلك الموضوعات بدون خسارة وإلا فيبقى المكتري بكرائه متمتعًا بخلوه.

ولما عجز المالكون عن تعويض مصاريف الموضوعات اضطروا لإيفائهم فتصرف المكترون بأنفسهم وأكروا لغيرهم وباعوا مكانهم على أن لا يأخذ المالك إلا مقدار الكراء وما زاد عليه يبقى لمستأجر العمارة " (٢) .

وما قيل في النصبة يقال في الكدك وهو ما يزيده المستأجر في الحوانيت بماله سواء كان مثبتًا كالبناء أو غير مثبت كالرفوف وآلات الصناعة، ويقال كذلك في الكردار وهي الزيادة في المزارع كالسواقي والقناطر والمباني التي للزارع وحكم كل من الكدك والكردار أنهما مملوكان لصاحبهما أي المستأجر ويثبتان له حق القرار، فلا يجوز انتزاع العين المستأجرة منه وتأجيرها لغيره بعد انتهاء المدة ما دام يدفع أجر المثل، يقول الشيخ التماق في حكم الجلسة في كتابه المتقدم الذكر مصرحًا بإباحته وبأنه ليس في ذلك ما يقتضي المنع والتحريم إذا اعتبر بيع الجلسة من قبيل العرف المصطلح عليه بالمغرب " والأمر إذا اتخذه عرفًا وعادة أهل المروءات والجمهور من الناس لا ينبغي أن يكون حرامًا والعرف في الجلسة من هذا النوع سيما وقد أطبق على هذا العرف أهل العلم والدين من قضاة ومفتين ومدرسين وغيرهم وعلى هذا لم يبق إلا التسليم بجوازها وحليتها " (٣) .


(١) كتاب جليل للشيخ العلامة محمد السنوسي سماه كتاب مطلع الدراري بتوجيه النظر الشرعي على القانون العقاري فيه مقارنة قيمة بين القانون العقاري الوضعى والفقه الإسلامي.
(٢) مطلع الدراري: ص ١٦٢.
(٣) العرف والعمل في المذهب المالكي، لمؤلفه الدكتور عمر الحيدي: ص ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>