للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمام هذا النزاع القديم بين الملكية العقارية والملكية التجارية حاول القانون الوضعي إيجاد حلول وسط تضمن التوازن وعدم الإجحاف بأي جانب حتى يتحقق التعايش والتكافل بين كل القطاعات، فقد مكن من جهة المستأجر من الاستقرار في المحل ضمانًا لبقاء الأصل التجاري واكتمال حقه في الملكية التجارية (١) .

ومكن المالك من جهة أخرى من عقاره بعد تعويض الخسائر كافة التي تنجر للمستأجر من إنهاء العقد وهو إخلاء العقار ويسمى هذا عندهم بغرامة الحرمان تفاديًا من إجبار المالك على قبول الإجارة المؤبدة رغم إرادته إذا تحقق الأصل التجاري للمستأجر لأن البقاء يتعارض مع حق الملكية العقارية الذي يفرض عليه قيدًا لا يتحمله.

وإذا امتنع المالك من دفع الغرامة مكن المستأجر من الاستمرار في المحل كما مكن من بيع الأصل التجاري.

والواقع أنه ليس في هذا القانون الوضعي الجديد شيء زائد عما هو معروف عند بعض فقهاء الشريعة الإسلامية سوى غرامة الحرمان، وإلا فإن مسألة استمرارية المستأجر في المحل بدون عوض وبدون إذن المالك بحثت بحثًا مستفيضًا في كتب الفقه وصدرت فيها فتاوى بالجواز من بعض العلماء.

واصطلح أهل المغرب على تسمية هذا النوع من العقود التي تثبت للمستأجر حق التبقية (الجلسة) وهي عقد كراء على شرك متعارف " والشرط هو التبقية وهي كراء الجلوس والإقامة بدكانه على الدوام والاستمرار ويوضح الشيح التماق (٢) المصلحة في إجازة الجلسة في كتابه إزالة الدلسة عن وجه الجلسة: بأن العقد في مصلحة الوقف حتى يعمر في وقت الرواج والكساد فيستفيد الواقف ويطمئن المكتري على نفسه ولا يتعرض للخروج إن غلا السوق وارتفعت الأكرية حتى أصبحت الحوانيت لا تعرف إلا بإضافتها إلى معمرها وتصير له يد فيها يقدم بها على غيره فإذا بدا له الخروج منها تخلى عنها لغيره وأخذ منه بدلًا على ذلك وليس لصاحب المحل إلا الكراء أو أجر المثل.


(١) الملكية التجارية، رشيد الصباغ ص٩.
(٢) هو الشيخ العالم أبو عبد الله محمد بن أحمد بن التماق الغرناطي الفاسي، المتوفى سنة ١١٥١هـ، وهو صاحب رسالة إزالة الدلسة عن وجه الجلسة وهي مخطوطة ضمن مجموع للعالم الشيخ محمد المنوني بالمغرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>