إلى جانب القرض الإنتاجي الربوي الذي شاع واستشرى في الجاهلية، وجد أيضا تعامل آخر للاستثمار وهو شركة المضاربة، أو ما يسمى بالقراض، وذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في شبابه وقبل زواجه من السيدة خديجة رضي الله عنها تعامل بهذه الشركة عندما تاجر في مالها.
وعندما جاء الإسلام وحرم الربا، دخل القرض الإنتاجي الربوي في دائرة الحرام، وبقيت المضاربة حلالا، فتعامل بها الصحابة رضي الله تعالى عنهم مع غيرها من طرق الاستثمار المشروعة، وأقرهم الرسول صلى الله عليه وسلم.
والعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه الذي تعامل بالربا، وكان رباه أول ربا وضعه الرسول صلى الله عليه وسلم، تعامل أيضا بالمضاربة، وكان يشترط على المضارب شروطا، إذا خالفها فهو ضامن، ويذكر أن الرسول صلى الله عليه وسلم رفع إليه شرط العباس فاجازه.
(انظر المطالب العالية ١/٤١٩، والخبر سكت عليه البوصيري، ولكن في سنده مقال) .
ومن المعلوم أن المضارب ليس بضامن إلا إذا خالف شروط العقد، أو فعل ما ليس من حقه أن يفعله، أو قصر أو فرط.
ومن الذين تحدثوا عن الودائع، وعن بعض صورها مثل شهادات الاستثمار، وجدنا من يشير إلى شركة المضاربة، ومن يعتبر هذه المعاملات عقودا مستحدثة لها بالمضاربة شبه، ولكنها تختلف عنها بما لا يخالف كتابا ولا سنة، لهذا أحب أن نميز بين القرض الإنتاجي الربوي وشركة المضاربة، وأن ننظر إلى الثبات والتطور في هذين العقدين، قبل النظر في القول المذكور آنفا.