الإسلام لا يبيح إلا القرض الحسن، سواء أكان القرض استهلاكيا أم إنتاجيا، وكل مال يدفع في مقابل الزمن الذي يستغرقه القرض فهو من ربا النسيئة.
وإذا اتخذ القرض أشكالا مختلفة، وصورا متعددة، واستحدثت منه ما استحدث، فإنا ننظر في جوهره ومضمونه، ونلحقه بأصله، فإما أن يكون قرضا حسنا، وإما أن يكون قرضا ربويا.
وفي بداية البحث أشرت إلى الرواتب الشهرية التي تدفعها البنوك الربوية لمن يودع لديها مبلغا من النقود، ورأينا أن هذا الشكل في مضمونه يعود إلى ربا الجاهلية، بل إلى ما قبل الجاهلية.
ونضرب هنا مثلا آخر من أعمال البنوك وهو ما يعرف بالاعتماد المستندي، فالبنك يأخذ عمولة كأجر على أعماله التي يقوم بها لصالح عميله الذي يستفيد من فتح هذا الاعتماد، فالأجر هنا حلال؛ لانه في مقابل منفعة مشروعة، غير أن البنك عند فحص المستندات ودفع الثمن لمصدر السلع، قد لا تكفي الأموال التي أخذها من العميل ثمنا لهذه السلع، وعند ذلك يقوم البنك بدفع المبلغ الزائد، وهنا إذا كان البنك من البنوك الإسلامية، فإنه ينص صراحة على أن هذا المبلغ قرض حسن، أما إذا كان البنك ربويا فإنه يعتبر هذا المبلغ دينا على العميل بفائدة محددة، أي أن هذا يعتبر قرضا ربويا.
والبنوك الربوية كما تقرض قروضا تأخذ الشكل العادي المعروف، فإنها تعطي قروضا في أشكال مستحدثة مثل ما يسمى بفتح الاعتماد (غير المستندي) ، وخصم الأوراق التجارية، والسحب على المكشوف ... إلخ.
فكل هذه المعاملات في جوهرها قروض ربوية، والمضاربة في الأصل كانت صورة بدائية لا تكاد تزيد عن شركة بين اثنين: صاحب رأس المال والمضارب. وكانت تستخدم في التجارة في أشياء محدودة. ورأس المال كان من الدنانير الذهبية والدراهم الفضية.