غير أنها في جوهرها شركة، وليست علاقة دائن بمدين، ولهما شرطان مجمع علهما وهما ما أشرت إليهما في الربح والضمان. فإذا شرط أحدهما أو كلاهما لنفسه مبلغا محددا من المال بطلت المضاربة. ومتى شرط على المضارب ضمان المال، أو سهما من الخسارة، فالشرط باطل بغير خلاف.
والبنوك الإسلامية عندما أرادت أن تقدم تطبيقا عمليا للاستثمار الحلال المشروع، ابتعدت عن القرض الإنتاجي الربوي، وقامت على أساس شركة المضاربة الإسلامية، غير أن الشكل تطور دون مساس بالجوهر.
فمجموع المودعين يمثل صاحب المال، والبنك يعتبر المضارب، ورأس المال لم يعد من الذهب والفضة، فقد تطورت النقود وأصبحت ورقية، ومجالات الاستثمار تعددت وتنوعت.. كل هذا التطور لا يمس الجوهر الثابت، فلا تزال شركة فيها الغنم والغرم، تحتفظ بالشرطين اللذين أجمعت عليهما الأمة طوال أربعة عشر قرنا.
النص والاجتهاد في المضاربة
قال أحد السادة العلماء:
" لم يؤثر عنه صلى الله عليه وسلم في حديث أنه تكلم في موضوع المضاربة حتى قال الأئمة ورجال الحديث كالشوكاني في (نيل الأوطار) : ليس في المضاربة شيء مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم سوى حديث ضعيف يقول أن فيها بركة، كما أثر عن الإمام ابن حزم أن كل أبواب الفقه لها أصل من الكتاب والسنة ما عدا القراض (المضاربة) فما وجدنا له أصلا البتة في الكتاب والسنة " أه.
وأرى من اللازم هنا تكملة ما نقله الشوكاني عن ابن حزم حيث قال بعد الكلام السابق مباشرة:
" ولكنه إجماع صحيح مجرد، والذي يقطع به أنه كان في عصر النبي صلى الله عليه وسلم فعلم به وأقره ولولا ذلك لما جاز ".