بعد هذا أقول: إذا لم تصل إلينا سنة قولية أفليس التقرير من السنة؟
ثم هذا الإجماع الصحيح المجرد لم يخرج عليه أحد من الصحابة أو التابعين رضي الله عنهم، وأخذ به كل الأئمة المجتهدين، وأجمعت عليه الأمة مدة أربعة عشر قرنا، هذا الإجماع أليس حجة ملزمة ومصدرا من مصادر التشريع الإسلامي؟
ألنا اليوم أن نهدم مثل هذا الإجماع؟
ولننظر هنا إلى ما قاله إمام دار الهجرة في الموطأ (كتاب القراض – باب ما يجوز من الشرط في القراض، وباب ما لا يجوز) :
قال رضي الله عنه في رجل دفع إلى رجل مالا قراضا، واشترط عليه فيه شيئا من الربح خالصا دون صاحبه: أن ذلك لا يصلح، وإن كان درهما واحدا.. إلا أن يشترط نصف الربح له ونصفه لصاحبه، أو ثلثه أو ربعه، أو أقل من ذلك أو أكثر. فإذا سمى شيئا من ذلك، قليلا أو كثيرا، فإن كل شيء سمي من ذلك حلال، وهو قراض المسلمين.
قال:" ولكن أن اشترط أن له من الربح درهما واحدا فما فوقه، خالصا دون صاحبه، وما بقي من الربح فهو بينهما نصفين، فإن ذلك لا يصلح، وليس على ذلك قراض المسلمين ".
وتعبير الإمام مالك هنا " وهو قراض المسلمين مع كلمة حلال "، ثم تعبيره الآخر:" وليس على ذلك قراض المسلمين " يدل على أن القراض الحلال لا يكون فيه مبلغ محدد من المال ولو كان درهما واحدا.
والصورة التي اعتبرها الإمام مالك مخالفة لما عليه المسلمون، لا تخرج عن الشركة، لكن درهما واحدا يمكن أن يبطلها ويخرجها عن دائرة الحلال. فكيف إذن بما لا يمكن أن يكون شركة فيها الغنم والغرم، وليس إلا قرضا استثماريا ربويا!
ويرد هنا سؤال وهو أن ما ورد عن الصحابة الكرام، وأجمعوا عليه دون مخالف واحد، ألا يدخل في حكم المرفوع إلى الرسول صلى الله عليه وسلم؟