للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: أن العقد الذي يجريه المتعاقدان (عقد إجارة) في بدايته، يتفقان على أنه في نهايته –أي في نهاية المدة التي حددها الطرفان نهاية لعقد الإجارة –يصبح عقد بيع (أي عقد تمليك للعين مع منفعتها) أي أنه بدأ بتمليك المنفعة بعوض (روعي في تقديره ما يؤول إليه هذا العقد) ثم انتهى بتمليك العين ومنفعتها ... كما رأينا في بعض الصور المتقدمة.

الرابع: أن تمليك العين ومنفعتها (في نهاية مدة الإجارة المحددة) في صور هذا العقد هي عقد بيع –حدد للشيء المبيع فيه ثمنا معينا، وجاء ذلك على عدة صور:

الصورة الأولى: أن يكون ثمن المبيع هو الأقساط الإيجارية المتفق على سدادها خلال المدة المحددة للإجارة، دون أن يدفع المستأجر (المشتري) شيئًا آخر، وتنتقل الملكية تلقائيًّا بسداد آخر قسط من هذه الأقساط.

وبناءً على هذا يكون ثمن الشيء المبيع دفع مقدمًا على أقساط هي هذه الأقساط الإيجارية المتفق عليها ...

وفي الصورة الثانية: يحدد الطرفان في هذا الاتفاق ثمنًا رمزيًّا للشيء المؤجر يدفعه المستأجر في نهاية المدة المتفق على أنها مدة الإجارة، فإذا دفعه كان الشيء المؤجر ملكًا له.

وإنما كان هذا الثمن رمزيًّا، لأنه روعي عند الاتفاق على الأقساط الإيجارية أنها تعادل في مجموعها ثمن السلعة الحقيقي مع ما أضيف إليه من ربح ...

وإنما وضع هذا الثمن الرمزي بغية تحقيق هدفين:

أولهما: إظهار الاتفاق بأنه في البداية كان عقد إجارة. ثانيهما: أنه في النهاية عقد بيع، ولما كان لكل عقد خصائصه وأحكامه وآثاره، وهما يريدانه في صورة إجارة في أول الأمر ضمان لحقوق المؤجر التي يريدها من وراء شراء هذه السلعة لمصلحة المستأجر .... ويريدانها بيع في نهاية الأمر، لأن المستأجر يكون في حاجة إليها، وأن المؤجر استوفى حقه وتحقق مقصده، إذ ليس هدفه اقتناء هذه السلعة، وإنما هدفه تنمية أمواله بصورة تضمن له حقوقه ...

ولا شك أن هذه الصورة في ظاهرها – عقد إجارة ابتداء، وعقد بيع انتهاء – أي أن هذا الاتفاق احتوى على عقدين: (عقد ناجز هو عقد الإجارة –اقترن به شرط فاسخ يبدأ بعده عقد البيع. وعقد معلق على شرط، وهو عقد البيع ... وإنما كان معلقًا على شرط، لأن التصور لهذه الصورة هو أن يقول:

(أجرتك هذه السلعة بأجره هي كذا، ولمدة هي كذا، على أنك إذا سددت هذه الأقساط الإيجارية حتى نهاية المدة (المحددة) بعتك هذه السلعة بثمن هو كذا، وهو المبلغ الرمزي الذي سبق الإشارة إليه) . (١)

وهذا الأمر يستدعي نظره في الفقه الإسلامي البحث عن حكم تعليق عقد البيع على شرط.


(١) وهذا البيع لا يعتبر عقدًا مضافًا، لأن الإضافة إلى زمن معين اقترن بها هنا استمراره في السداد أو عدم استمراره في هذه المدة فإن استمر في السداد حتى نهاية المدة باعه، وإن لم يستمر ... لم يبعه، ومن ثم فهو تعليق على شرط، وليس إضافة إلى أجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>