للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنفعة للمقرض

من الأحاديث التي اشتهرت على ألسنة الناس بالأمس واليوم ما روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كل قرض جر نفعا فهو ربا)) وهذا الحديث ليس له إسناد صحيح، فقد روى الحارث بن أبي أسامة في مسنده عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل قرض جر منفعة فهو ربا)) ، وفي إسناده أحد المتروكين، وله شاهد ضعيف عند البيهقي بلفظ ((كل قرض جر منفعة فهو وجه من وجوه الربا)) .

نعم هناك آثار موقوفة عن بعض الصحابة رضي الله عنهم، وقد تأخذ حكم المرفوع.

(انظر الحديث وبيان عدم صحته في سبل السلام ٣/٨٧٢، وكشف الخفاء للعجلوني ٢/١٢٥، وانظر كنز العمال ٦/١٢٣ حديث رقم ٩٣٧، والحديث ضعفه السيوطي ووافقه المناوي – انظر فيض القدير ٥/٢٨)

ولننظر بعد هذا في حكم المنفعة للمقرض.

قال ابن قدامة في المغني:

"كل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف، قال ابن المنذر: " أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة أو هدية فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا ". وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة ". (٤/٣٦٠) .

وقال أيضا بعد هذا:

"إن شرط أن يؤجره داره بأقل من أجرتها، أو على أن يستأجر دار المقرض بأكثر من أجرتها، أو على أن يهدي له هدية، أو يعمل له عملا، كان أبلغ في التحريم.

وإن فعل ذلك من غير شرط قبل الوفاء لم يقبله، ولم يجز قبوله إلا أن يكافئه أو يحسبه من دينه، إلا أن يكون شيئا جرت العادة به بينهما قبل القرض ".

وذكر ابن قدامة من الآثار والأحاديث ما يؤيد هذه الأحكام، ثم قال: " وهذا كله في مدة القرض، فأما بعد الوفاء فهو كالزيادة من غير شرط ".

(راجع أيضا هذا الموضوع في المجموع شرح المهذب للشيرازي ١٢/١٨٢، وكتاب الإجماع لابن المنذر ص ٩٥، وغيرهما من كتب الفقه) .

<<  <  ج: ص:  >  >>