لكن نبين رأي الفقه الإسلامي في تكييف مثل هذا العقد، فإنه يلزمنا أن نوضح ثلاثة أمور:
أولها: هل يصح في الفقه الإسلامي اجتماع عقدين في عقد؟
ولقد أجبنا على ذلك فيما مضى، وبينا أنه جائز - على ما رجحنا الأخذ به في ذلك.
الثاني: هل يصح تعليق عقد البيع على شرط؟ - وهذا نحتاج إلى إيضاحه-.
والثالث: هل يصح أن يكون ثمن المبيع رمزيًّا، وذلك لأنه قد روعي أن ما اتفق على أنه أقساط إيجارية، هو في حقيقته جزء من ثمن هذه السلعة.
حكم تعليق عقود المعاوضات على شرط
يرى جمهور الفقهاء (الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، والزيدية، والإمامية، والإباضية) أنه لا يصح تعليق عقود المعاوضات المالية على شرط مطلق، وقد أفاضوا في ذكر الأدلة المانعة من صحة تعليق هذه العقود، والتي منها (أنها عقود تمليكات، وهذه تثبت آثارها في الحال، فتعليقها ينافي ما يقتضيه العقد، فلا يصح، لما فيه من معنى القمار ... أو المخاطرة ... حيث يتردد العقد بين الوجود إذ تحقق الشرط، أو العدم إذا لم يتحقق الشرط ... - أو أنها مثل بيع الملامسة أو المنابذة، وهما منهي عنهما بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي رأي مرجوح عند الحنابلة – حكته كتب المذهب رأيًّا للإمام أحمد – أنه يجوز تعليق عقود المعاوضات المالية على شرط، فقال ابن تيمية: (وذكرنا عن أحمد نفسه جواز تعليق البيع بشرط، ولم أجد عنه ولا عن أصحابه نص بخلاف ذلك، بل ذكر من ذكر من المتأخرين أن هذا لا يجوز..) .
ثم أخذ يفند رأي المانعين، مرجِّحًا هذا الرأي (١) وقد تناولت ذلك في كتابي (نظرية الشرط) ورجحت صحة تعليق عقود المعاوضات على شرط ملائم للعقد يحقق غرض مشروع، وأن ذلك يرتكز على الآيات والأحاديث التي تأمر بالوفاء بالعقود والعهود، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}[أول سورة المائدة] ، وقال تعالى:{وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا}[الآية ٣٤ من سورة الإسراء] ، وغيرها كثير- وقول الرسول صلى الله عليه وسلم:((آية المنافق أربع ...)) وعد منها ((وإذا وعد أخلف)) –نص الحديث ص٤٨- وإن التعليق لا يؤدي إلى غرر أو مخاطرة أو أكل أموال الناس بالباطل، وأنه ليس من قبيل بيع الملامسة أو المنابذة المنهي عنهما.