للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبناء على هذا الرأي يمكن القول بأن تعليق عقد البيع على شرط ملائم له ويحقق غرضًا مشروعًا جائزًا، ويصح هذا التعليق ما دام الطرفان قد اتفقا عليه وصدرت الصيغة باتة في مدلوها (أجرتك هذه السلعة بأجرة هي كذا، على أنك إذا سددت الأجرة بانتظام حتى نهاية سنة كذا أو شهر كذا بعتك هذه السلعة المؤجرة بثمن هو كذا، ويقول الآخر: قبلت ذلك) فيجتمع عقدان: عقد إجارة ناجز- وعقد بيع معلق على شرط هو (الانتظام في سداد الأجرة وهي كذا في مدة هي كذا) وهو تعليق وليس إضافة إلى أجل، لأن الأجل المتفق عليه قد وضع في قالب شرط وهي سداد الأجرة في خلال هذه المدة.

هل يصح أن يكون ثمن المبيع رمزيًّا؟

أولًا: أن ثمن المبيع في الفقه الإسلامي لا بد أن يكون مقاربًا لقيمة السلعة الحقيقي، وذلك لأن البيع هو معاوضة مال بمال، ومعاوضة المال بالمال معناها أن يأخذ البائع من المشتري عوض هذه السلعة وهو الثمن- أو بلفظ آخر- قيمتها، أو ما يقارب ذلك في الأسواق- وأن يأخذ المشتري السلعة من البائع عوض ما دفعه من ثمن - أو ما يقارب ذلك- حيث يغتفر في الفقه الإسلامي التفاوت اليسير، ولكن المطلوب هو تحقيق العدل بين العوضين، والعدل أن تكون السلعة معادلة للثمن الذي حدد لها، وأن يكون الثمن معادلًا للسلعة التي عينت له.

يقول ابن رشد في تحقيق هذا المعنى وتحريره:

(إن العدل في المعاملات إنما هو مقاربة التساوي، ولذلك لما عسر إدراك التساوي في الأشياء المختلفة جعل الدينار والدرهم لتقويمها –أعني تقديرها- ولما كانت الأشياء المختلفة الذوات- أعني غير الموزونة والمكيلة- العدل فيها إنما هو في وجود النسبة- أعني أن تكون نسبة قيمة أحد الشيئين إلى جنسه نسبة قيمة الشيء الآخر إلى جنسه، مثال ذلك أن العدل إذا باع إنسان فرس بثياب هو أن تكون نسبة قيمة ذلك الفرس إلى الأفراس هي نسبة قيمة ذلك الثوب إلى الثياب، فإن كان ذلك الفرس قيمته خمسون فيجب أن تكون تلك الثياب قيمتها خمسون، فليكن مثلًا الذي يساوي هذا القدر عددها هو عشرة أثواب، فإذًا اختلاف هذه المبيعات بعضها ببعض في العدد واجب في المعاملة العدلة، أعني أن يكون عديل فرس عشرة أثواب في المثل) .

<<  <  ج: ص:  >  >>