ويقول الغزالي عند الحديث عن بيع التعاطي (للبائع أن يتملك الثمن الذي قبضه إن ساوى قيمة ما دفعه، لأنه مستحق ظفر بمثل حقه) .
ويدل على هذا أيضًا:
ما شرع من خيارات – فإنها أجيزت للاطمئنان على أنه لم يحدث غبن ولا ظلم في ميزان العدل الواجب تطبيقه في المعاوضات.
فخيار الشرط، وخيار الرؤية، وخيار العيب، وغير ذلك من الخيارات التي وضعها المشرع الحكيم لنا أمارة على أنه يجب أن يكون العدل أساسًا في انتقال الأموال معاوضة بجانب ما قرره من ضرورة وقوع التراضي على نقلها من ذمة إلى ذمة ...
ولا يأتي في هذه الصورة البحث حول أن المتعاقدين لهما الحرية التامة في أن يحددا الثمن الذي يريانه، وإن كان قليلًا جدًّا، لأن اقتران عقد الإجارة - مع تحديد الأجرة المرتفعة كثيرًا عن أجرة المثل خلال المدة التي اشترط استمرار الإجارة فيها بهذه الأجرة- بعقد البيع في نهاية هذه المدة وبعد سداد هذه الأقساط الإيجارية – وجعل ثمن المبيع رمزيًّا يفصح بصورة واضحة عن أن المقصود هو عقد بيع من أول الأمر، وليس عقد إجارة ثم عقد بيع، وأن كل ما دفع هو لثمن الرمزي المشار إليه-.
وقد يؤيد هذا أن العبرة في العقود بالمعاني لا بالألفاظ والمباني، ويقول الفقهاء تطبيقًا لهذه القاعدة:(إن الكفالة بشرط براءة الأصل حوالة، والحوالة بشرط عدم براءة الأصل كفالة، ولو قال: أعتق عبدك عني بألف كان بيعًا للمعنى ... وينعقد البيع بلفظ الهبة مع ذكر البدل ... وتنعقد الإجارة بلفظ الهبة والتمليك ... (١) كما في الخانية، وينعقد السلم بلفظ لبيع كعكسه) ... ولو شرط رب المال للمضارب كل الربح كان المال قرضًا، ولو شرط لرب المال كان بضاعة.