أما المسألة الثالثة، وهي الإجارة مع وعد بالتمليك بهبة أو بيع فهي مسألة يجب أن ينظر إليها من عدة وجوه أولها: هل هذه الإجارة إجارة جادة بمعنى أن الأقساط المدفوعة تناسب قدر الإيجار فتكون إجارة حقيقية مصحوبة بوعد، ثانيًا: وهل الوعد حصل في صلب العقد بحيث يؤثر على الثمن أو كان تطوعًا بعد العقد، وهل كان وعدًا بالهبة أو وعدًا بالبيع؟ كل هذه الأوجه تترتب عليها أحكام تخص كلًّا منها فلنبدأ بأقرب هذه الأوجه للصحة والقبول وهو أن يكون الطرفان قد عقدا بينهما إجارة وبعد العقد وعد البائع المشتري بأن يهبه تلك العين إذا هو وفّى بأقساط الإيجار في وقته المحدد برغبته في الوفاء، فهذه الصورة تعتبر وعدًا بهبة، وهو وعد ملزم على أصل مالك في الوعد المعلق على سبب على ما استظهره بعض الشيوخ من الخلاف في مسألة الإلزام بالوعد، فمعلوم أن مذهب مالك فيه أربعة أقوال فيما يتعلق بالإلزام بالوعد، القول الأول: أن الوعد لا يلزم به شيء، وأن الوفاء به إنما هو من مكارم الأخلاق وفضائل الأعمال، وهذا موافق للمذاهب الأخرى، (راجع المغني لابن قدامة في مسألة تعليق الهبة: ٥/٦٥٨) ، والقول الثاني: عن مالك، هو معلوم هو لزوم الوعد الواقع مطلقًا، وهو كما رأيت مخالف للمذاهب الأخرى، وقول بالتفصيل عن مالك بين الوعد الواقع على سبب فيلزم، وقول رابع هو المشهور أنه إذا أدخل الموعود به في ورطة فإنه يلزم، وقد أجمل صاحب المنهج هذه الأقوال الأربعة بقوله: