للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمسألة هنا تدخل في قاعدة أن من التزم شيئًا بسبب عمل الملتزم له الإتيان بما يلزمه إذا كان الملتزم- بكسر الزاي- يعلم بوجوب ذلك العمل على الملتزم له بدون مقابل، وأسسوا على ذلك كما قال الحطاب في التزاماته: ص ١٨٩، نقلًا عن ابن رشد في البيان والتحصيل، بعد أن نقل عدم لزوم الوعد على الواجب على الملتزم له- بفتح الزاي- قائلًا ما نصه: (قال محمد بن رشد: قال ابن القاسم في رواية ابن جعفر الدمياطي عنه وذلك إذا لم تعلم (أي زوجته أنه كان يلزمه أن يأذن لها (أي في الحج) ، وأما إذا علمت، فذلك لازم لها لأنها أعطته مالها طيبة بذلك نفسها، وقوله هذا مفسر لهذه الرواية وأطال الكلام في هذه المسألة إلى أن قال الحطاب: تنبيه: فعلى ما قاله ابن رشد إذا كان الملتزم يعلم أن ذلك الفعل يجب على الملتزم له، ثم علق الالتزام عليه فإنه يلزمه ويحمل على أنه أراد ترغيبه في الإتيان بذلك الفعل كقوله إن صليت الظهر اليوم فلك عندي كذا وكذا. والله أعلم.

وذكر كثيرًا من المسائل من هذا النوع من أعطى لزوجته دارًا على أن تسلم، ومن ذلك أيضًا من يقول لعبده إن تركت شرب الخمر أو الزنا، فأنت حر فهذا لازم.

أما الوعد بالهبة في صلب العقد إذا كان من شأنه أن يؤثر على الثمن، فهذا لا يجوز وهو من باب الجعل والجعل لا يجوز جمعه مع الإجارة فكأنه قال له: إن فعلت كذا فلك كذا، قال خليل في الإجارة (وفسدت إن انتفى عرف تعجيل معين كمع جعل) . قال الزرقاني لتنافي الأحكام فيهما، فهذا الوعد بالهبة كما ترى فهو جهة جعل لا يجوز جمعه مع الإجارة ومن جهة أخرى قد يؤثر في الثمن أي في قدر الإيجار فلا يدري ما أعطى مقابل الوعد بالهبة أي هي هبة ثواب، وما أعطى مقابل الإيجار حقيقة.

والوعد بالهبة في صلب العقد بالإجارة أو بالمساقاة أو غيرهما، لا يوجد فيه نص صريح ما عرف عن مالك وابن القاسم وسحنون من وجوب الوفاء بالوعد إذا أدخل الموعود في ورطة، إلا أنهم إنما افترضوا هذه المسألة في عقود أخرى كالخلع قال خليل (وبالوعد أن ورطها) .

أما في عقد البيع مثلًا، فظاهر كلام مالك يدل على المنع إذا كان الأمر معلقًا على شيء لا يدري هل يقع أم لا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>