قال الحطاب في التزاماته: (قال في رسم القبلة من سماع ابن القاسم من جامع البيوع: سمعت مالكًا يقول لا أحب البيع على أنه إذا وجد ثمنًا قضاه وإن هلك ولا شيء عنده لا شيء عليه. قال ابن القاسم: فإن وقع هذا الشرط وفات لزم المشتري قيمتها يوم قبضها. قال محمد بن رشد: هذا الشرط من الشروط التي يفسد بها البيع لأنه غرر فالحكم فيه الفسخ مع قيام السلعة شاءً أو أبيًّا، ويصبح في فواتها بالقيمة بالغة ما بلغت، وهو ظاهر قول ابن القاسم وتفسير لقول مالك؛ إذ قد يقول كثيرًا فيما يجب فيه الفسخ لا أحب هذا، أو أكرهه أو شبهه من الألفاظ فيكتفي بذلك من قوله.
ونقله في النوادر وزاد فيه: قال ابن القاسم: هذا حرام ويرد فإن فات فعليه قيمتها يوم قبضها.
أما الوعد بالبيع فهو مؤثر على الثمن ومخل بهن وسبب للجهالة وأكثر افتراضات نصوص المذهب وشروحه إنما هي في إيجاب الوفاء بالوعد في مسائل التبرعات كالهبة لأنها تملك بالقول عند مالك، وهذا من أسرار مذهب مالك في مسألة الوعد، وكذلك الصدقة والعتق والطلاق. أما البيع فإنه لا ينعقد إلا بالصيغ المشار إليها بقول خليل، ينعقد البيع بما يدل على الرضا إلى آخره، فالتزامه بالوعد إلزام بالبيع والنظر في العقود غالب إلى المآل كما أشار إليه الزرقاني في مسائل الثنيا. وعليه فهذه الصيغة تعتبر تلفيقية في غاية الضعف.
أما الوعد بالبيع بعد عقد الإجارة فيخرج على المسألة المشهورة عند المالكية، وهي إذا قال البائع للمشتري بعد عقد البيع إذا أنا أتيتك بالثمن رددت إلى المبيع، فقبل المشتري بذلك، فإن ذلك يلزمه، قال الحطاب في التزاماته.
مسألة:
قال في معين الحكام، ويجوز للمشتري أن يتطوع للبائع بعد العقد بأنه إن جاء بالثمن إلى أجل كذا فالمبيع له، ويلزم المشتري متى جاءه بالثمن في خلال الأجل، أو عند انقضائه أو بعده على القرب منه، ولا يكون للمشتري تفويت في خلال الأجل فإن فعل ببيع أو هبة أو شبه ذلك نقض أن أراده البائع ورد إليه، وإن لم يأتِ بالثمن إلا بعد انقضاء الأجل فلا سبيل له إليه، وإن لم يضربا لذلك أجلًا فللبائع أخذه متى جاءه بالثمن في قرب الزمان أو بعده ما لم يفوته المبتاع،فإن فوته فلا سبيل له إليه، فإن قام عليه حين أراده التفويت فله منعه بالسطان إذا كان ماله حاضرا فإن باعه بعد منع السلطان له رد البيع وإن باعه قبل أن يمنعه السلطان نفذ بيعه.
ويتخرج أيضًا قاعدة الشروط اللاحقة لا يبطل بها العقد، كما نقلناه عن ابن زرب من المالكية وابن بشر وتلميذه ابن عتاب.