للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلام ابن تيمية هنا ليس عن الربا ولا عن المعاملات الربوية، بل كيف يتصور أن شيخ الإسلام يقول في موضوع الربا: أن المفسدة منفية؟! ولا أدري كيف ساق الأستاذ هذه العبارة ليوهم القارئ أن ابن تيمية يبيح المعاملات الربوية؟!

فالأستاذ يذكر أن ما ينقله آراء صفوة من المجتهدين في موضوع الربا، ثم ينقل كلام ابن تيمية " أن الضرر على الناس من تحريم هذه المعاملات.. إلخ " أي هذه المعاملات الربوية، ومعنى هذا أن ابن تيمية لا يرى تحريم المعاملات الربوية!!

وابن تيمية إنما يتحدث عما رخص فيه من بيوع الغرر – وهو الغرر اليسير – مستندا إلى السنة المطهرة، وموافقا جمهور العلماء، أما كلامه عن الربا فشيء آخر.

ولنقرأ معا شيئا مما قاله شيخ الإسلام:

قال رحمه الله: " أكل المال بالباطل في المعاوضة نوعان، ذكرهما الله في كتابه، هما: الربا والميسر ".

ثم قال: "نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر " كما رواه مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه. والغرر هو المجهول العاقبة فإن بيعه من الميسر الذي هو القمار، وذلك أن العبد إذا أبق أو الفرس أو البعير إذا شرد، فإن صاحبه إذا باعه يبيعه مخاطرة، فيشتريه المشتري بدون ثمنه بكثير فإن حصل له قال البائع: قمرتني وأخذت مالي بثمن قليل، وإن لم يحصل قال المشتري: قمرتني وأخذت الثمن مني بلا عوض، فيفضي إلى مفسدة الميسر: التي هي إيقاع العداوة والبغضاء، مع ما فيه من أكل المال بالباطل، الذي هو نوع من الظلم، ففي بيع الغرر ظلم وعداوة وبغضاء.

ومن نوع الغرر ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من بيع حبل الحبلة، والملاقيح، والمضامين، ومن بيع السنين، وبيع الثمر قبل بدو صلاحه، وبيع الملامسة، والمنابذة، ونحو ذلك كله من نوع الغرر.

أما الربا: فتحريمه في القرآن أشد ولهذا قال تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>