للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس كل عقد يتردد، ومن المسائل التي أجازوا فيها الغرر، أعفيكم أيضًا من هذا.

المسألة الثالثة: وهي الإجارة مع وعد بالتمليك بهبة أو بيع، وهي مسألة يجب أن ينظر إليها من عدة وجوه، أولها: هل هذه الإجارة إجارة جادة؟ بمعنى أن الأقساط المدفوعة تناسب قدر الإيجار فتكون إجارة حقيقية مصحوبة بوعد، ثانيًا: هل الوعد حصل في صلب العقد بحيث يؤثر على الثمن أو كان تطوعًا بعد العقد؟ وهل كان وعدًا بالهبة أو وعدًا بالبيع؟ كل هذه الأوجه تترتب عليها أحكام تخص كلًّا منها فنلبدأ بأقرب هذه الأوجه للصحة والقبول، وهو أن يكون الطرفان قد عقدا بيعهما إجارة – أرجوكم أن تصحِّحوا، فيه بعض الخطأ – وبعد العقد وعد البائع المشتري بأن يهبه تلك العين، إذ هو وفَّى بأقساط الإيجار في وقته المحدد يرغبه في الوفاء، فهذه الصورة تعتبر وعدًا بهبة، وهو وعد ملزم على أصل مالك في الوعد المعلق على سبب على ما استظهره بعض الشيوخ من الخلاف في مسألة الإلزام بالوعد، فمعلوم أن مذهب مالك فيه أربعة أقوال فيما يتعلق بالإلزام بالوعد، القول الأول: أن الوعد لا يلزم به شيء وأن الوفاء به إنما هو من مكارم الأخلاق وفضائل الأعمال وهذا موافق للمذاهب الأخرى، (راجع المغني لابن قدامة) ، والقول الثاني: عن مالك هو لزوم الوعد مطلقًا، وهو كما رأيت مخالف للمذاهب الأخرى، وقول بالتفصيل: عن مالك بالوعد الواقع على سبب فيلزم، وقول رابع: وهو المشهور أنه إذا أدخل الموعود في ورطة فإنه يلزم، وقد أجمل صاحب المنهج هذه الأقوال الأربعة بقوله:

هل يلزم الوفاء بالوعد نعم

أولًا نعم لسب وإن لزم

<<  <  ج: ص:  >  >>